الجمعة، 5 يونيو 2015

تفسير سورة الكهف - الدكتور علي الكيالي

( سَـبْعَـةٌ وَ ثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] :
المُعْتَقَدُ أنَّ عَدَدَ فِتْيَةِ أهْلِ الكَهْفِ سَـبْعَةُ فِتْيَـةٍ : ( سَــيَـقُـولُـونَ ثَـلاثَةٌ رَابِعُـهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ وَ يَقُـولُـونَ خَـمْـسَـةٌ سَـادِسُـهُـمْ كَـلْـبُهُـمْ رَجْـمَـاً بالـغَـيْبِ وَ يَقُـولُـونَ سَـبْعَـةٌ وَ ثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] ، وَ سَمّاها البَعْضُ [ واو الثَمانِيَة ] ، لأنَّ القُرْآنَ يَذْكُرُها أثْناءَ التَعْدادِ بَعْدَ الرقم سَبْعة، وَالذي اعْتَبروه الرقم الكامِلَ : ( الـتَائـِبُونَ الـعَـابِدونَ الـحَـامِـدونَ الـسَائِـحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدونَ الآمِـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَ الـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْكَـرِ ) [ التوبة 112 ] ، ( مُـسْـلِـمَاتٍ مُؤْمِـنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِـباتٍ عَابِداتٍ سَائِحَـاتٍ ثَيِّـباتٍ وَ أبْكَـاراً ) [ التحريم 5 ]

( مَـجْـمَـعَ الـبـحْـرين )[ الكهف 60] :
مِنْ بَعْضِ أُمُـورِ التَثْنِيـَة في اللغَةِ العَرَبيّـةِ ، مَـا يُلْفِتُ النَظَرَ ، حَيْثُ تُوجَدُ مُصْطَلَحَاتٌ لاَ تُحَقِّقُ شَـرْطَ تَطَـابُقِ المَعْنى في الاسـمَينِ ، بَـلْ تَغْليبُ اسْـمٍ عَلى الآخَـرِ ، وَ مِنْهـا :
البَحْـرانِ : النَهْـرُ وَ البَحْـرُ : ( مَـرَجَ الـبَحْـرَيْنِ يَلْـتـَقـِيَانِ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ )[ الرحمن 19] ، ( وَ مَـا يَسْـتَوي الـبَحْـرانِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ .... وَ هَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ )[ فاطر 12 ] ، ( وَ جَـعَـلَ بَيْنَ الـبَحْـرَيْنِ حَـاجِـزَاً )[ النمل61 ] ، ( وَ هُـوَ الـذي مَـرَجَ الـبَحْـرينِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ وَ هَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ وَ جَـعَـلَ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ وَ حِـجْـراً مَـحْـجُـوراً)[ الفرقان 53 ] .

( تَسْـتَطِـيعَ ، تَسْـطِـعْ )[ الكهف 72 / 82 ] :
تَسْتَطيعُ : بِوُجُودِ تـاءٌ بَعْدَ حَرْفِ السينِ ، تَدُلّ ُعلى الكَثْرَةِ الأمور ، تَسْطِعْ : بِدونِ تـاءٌ بَعْدَ حَرْفِ السينِ ، تدل على القِلَّةِ وَ الاسْتحالَة ، لأنّ زيادة المبنى في الكلمة يدلّ على زيادة المعنى ، فَقَدْ قالَ العَبْدُ الصَالِحُ لمُوسـى عليه السلامُ في بِدَايَةِ لِقَائِهِمَا : ( إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 67 ] ، فَهُوَ لَدَيْهِ أُمُـورٌ كَثيرَةٌ وَ صَعْبَةٌ عَلى مُوسى ، وَ كَذَلِكَ قالَ لَـهُ في المَرَّةِ الثَانِيَةِ : ( أَلَـمْ أَقُلْ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 72 ] ، أمَّا في المَـرَّةِ الثَالِثَةِ فَقَالَ : ( أَلَـمْ أَقُـلْ لَـكَ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 75 ] ، وَ حينَمَـا لَمْ يَصْبِرْ مُوسى عَلى ثَلاَثِ أُمُورٍ فَقَطْ ، قالَ لَـهُ العَبْدُ الصَالِحُ ، وَ بَعْدَ أنْ شَرَحَ لَهُ مُبَرِّراتُ أعْمالِهِ : ( ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلـيْهِ صَـبْراً )[ الكهف 82 ] ، وَ في سُورَةِ الكَهْفِ أيْضَاً عَنْ سَدِّ ذِي القَرْنَيْنِ : ( فَمَـا اسْـطَـاعُـوا أنْ يَظْـهَـروهُ وَمَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً )[ الكهف 97 ] ، يَظْـهَـروهُ : يَصْعَدوا على ظَهْرِ السَدِّ ، وَ الصُعُودُ أسْهَلُ مِنْ نَقْبِهِ ، بينمـا قال : وَ مَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً ، و هو أصعب من الصعود على ظهره لذلك أضاف حرف التاء بعد حرف السين ، وَ عَنْ صَاحِبِ الجَنَّةِ الأَرْضِيَّةِ : ( أوْ يُصْـبِحَ مَـاؤُهَـا غَـوْراً فَـلَـنْ تَسْـتَطِـيعَ لَـهُ طَـلَـبَاً )[ الكهف 41 ] ، تَسْـتَطِـيعَ : بِوُجُودِ تـاءٌ بَعْدَ حَرْفِ السينِ ، وَ تَدُلّ ُعلى الاسْتِـحَالَةِ ، وَ كَذَلِكَ : ( فَإنْ كَـانَ الـذي عَـلَـيْهِ الـحَـقُّ سَـفيهَـاً أوْ ضَـعِـيفَاً أوْ لاَ يَسْـتَطِـيعُ أنْ يُمِـلَّ فَلْـيُمْـلِلْ وَ لِـيُّهُ )[ البقرة 282 ] .

( يَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ )[ الكهف 83 ] :
كَانَ السائلين عن [ ذي القرنين ] يَنْقُصُهُمْ الكَثِيْرُ مِنَ المَعْلُومَاتِ عَنْهُ ، فَأرادُوا مِنْ سُؤالِهِمْ هَذَا اسْتِكْمالَ تِلْكَ المَعْلُومَاتِ ، لَكِنَّ القُرْآنَ الكَرِيْمَ أبى إعْطاءَهُمْ كُلَّ المَعْلُومَاتِ ، بَلْ أعْطاهُمْ جِزْءَاً مِنْهَا : ( مِنْهُ ذِكْراً ) وَ ليْسَ الكُلَّ ، خَاصَّةً أنَّ الرَجُلَ كَانَ عادِلاً وَ لَمْ يُدَلِّلهم كَثِيْراً كَمَا يَدَّعُونَ : ( وَ يَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ قُلْ سَـأَتْلُـو عَـلَـيْكُـمْ مِـنْهُ ذِكْـراً إنّا مَـكَّـنَّا لَـهُ في الأرْضِ وَ آتَيْناهُ مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ سَـبَباً فَأتْبَعَ سَـبَبَاً )[ الكهف 83 / 85 ] ، فَعْنْدَما وَصَلَ إلى مَديْنَةِ [ بـابِلْ ] ، عَلى مَشَارِفِ مُسْتَنْقَعَاتِ [ الأهْـوارِ ] في العِراقِ عِنْدَ شَـطِّ العَرَبِ : ( حَـتّى إذَا بَلَـغَ مَـغْـرِبَ الـشَـمْـسِ وَجَـدَهَـا تَغْـرُبُ في عَـيْنٍ حَـمِـئَـةٍ وَ وَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً قُلْـنَا يَا ذَا الـقَرْنَيْنِ إمَّـا أنْ تُعَـذِّبَ وَ إمَّـا أنْ تَتَّخِـذَ فِيْهِـمْ حُـسْـنَاً قَالَ أمَّـا مَـنْ ظَـلَـمَ فَإنَّا نُعَـذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلـى رَبِّهِ فَيُعَـذِّبُهُ عَـذَابَاً نُـكْـراً وَ أمَّـا مَـنْ آمَـنَ وَ عَـمِـلَ صَـالِـحَـاً فَلَـهُ جَـزَاءً الـحُـسْـنى )[ الكهف 86 ] ، حَـمِـئَـةٍ : الحَمـأُ هُوَ نَوْعُ الطَمي عَلى ضِفافِ الأنْهارِ وَ مُسْتَنْقَعَاتِهَا ، مِثْلَ مُسْتَنْقَعاتِ [ الأهْوارِ ] عِنْدَ الْتِقاءِ نَهْرَيْ دِجْلَةَ وَ الفُراتِ في العِراقِ ، وَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً : جَاءَتْ بِصِيْغَةِ النَكِرَةِ ، لأنَّهُمُ منَ القَوْمُ السَائِليْن ، عَـذَابَاً نُـكْـراً : يَسْتَغْرِبُهُ أهْلُ جَهَنَّمَ .

( إنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُـفْـسِـدونَ في الأَرْضِ )[ الكهف 94 ] :
إذاً [ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ ] هُمْ [ظاهرة ] لِكُلُّ قَوْمٍ مُفْسِديْنَ في الأرْضِ بِأيِّ زَمانٍ وَ مَكانٍ : ( إنَّ يَأْجُـوجَ وَ مَـأْجُـوجَ مُـفْـسِـدونَ في الأَرْضِ )[ الكهف 94 ] ، وَ المَعْنى اللُغَويُّ هُوَ يَأْجُوجُ : مِنْ تَأَجُّجِ النَارِ ، مَأْجُوجُ : مِنْ مَوْجِ البِحَارِ ، وَ هُمَا للدَلاَلَةِ عَلى الحُروبِ التي يُشْعِلُهَا القَادِمُونَ مِنْ وَراءِ البِحَارِ ، فَيَتْرُكونَ المُدُنَ في دَمَارٍ وَ فَوْضى ، لِذَلِكَ تقول الآيات الكريمة : ( وَ تَرَكْـنَا بَعْـضَـهُـمْ يَوْمَـئِـذٍ يَمُـوجُ فَـي بَعْـضٍ )[ الكهف 99 ] ، وَ فَتْحُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ هُوَ مِنْ عَلامَاتِ السَاعَةِ الكُبرى : ( حَـتَّـى إذا فُـتِحَـتْ يَأْجُـوجُ وَ مَـأْجُـوجُ  وَ اقْـتَرَبَ الـوَعْـدُ الـحَـقُّ )[ الأنبياء 97 ] .


سورة الكهف مكتوبة

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق