‏إظهار الرسائل ذات التسميات الجزء الثامن. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الجزء الثامن. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 19 أبريل 2015

(سورة الأعراف) تفسير د.علي منصور الكيالي (2)

            ســورة الأعراف (من اية 88 الى اخرها)

( فَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ )[ الأعراف 91 ] :

مَدْيَنْ اسْمٌ مَعْناهُ : مَحْكَمَة ، وَ تَقَعُ مَدْيَنَ في أرْضِ [ مَعَانَ ] شَرْقَ خَليجِ العَقَبَةِ ، وَ سَكَنَها قَوْمُ مَدْيَنَ وَ رَسُولُهُمْ هُوَ شُعَيْبٌ : ( وَ إلـى مَـدْيَنَ شُـعَـيْباً )[ الأعراف 85 ] قـال أخَـاهُمْ : لأنَّ شُـعَيْباً كانَ من قَـوْمِ مَـدْيَن ، وَ لَمّا كَذّبوا شُعَيْباً أُهْلِكُوا بالصَيْحَةِ وَ الرَجْفَةِ مَعَاً ، مِثْلَ قَوْمِ ثَمُودَ : ( وَ إلـى مَـدْيَنَ أَخَـاهُـمْ شُـعَـيْبَاً فَقَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ وَ لاَ تَعْـثَـوْا فـي الأرْضِ مُـفْـسِـدينَ فَـكَـذَّبُوه ُفَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ )[ العنكبوت 36 / 37 ] ، هنا قال : فـي دَارِهِـمْ بالمفـرد ، بينمـا في آية أخرى : ( وَ لَـمَّـا جَـاءَ أَمْـرُنَا نَجَّـيْنَا شُـعَـيْباً وَ الـذينَ آمَـنوا  وَ أَخَـذَتِ الـذينَ ظَـلَـمُـوا الـصَـيْحَـةُ فَأَصْـبَحُـوا فـي دِيَارِهِـمْ جَاثِمِـينَ أَلاَ بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ )[ هود 94 / 95 ] ، هنـا قال : فـي دِيَارِهِـمْ بالجمـع ، و قال : بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ : أيْ بِنَفْسِ الطَريقَةِ التي أُهْلِكَتْ بِهَـا ثَمُـودُ ، وَ هيَ الصَـيْحَةُ وَ الرَجْفَة ُ مَعَـاً ، وَ هَذه كانَتْ لِقَوْمِ مَـدْيَنَ فَقَطْ ، وَ لَيْسَ لأصْحَـابِ الأيْكَـةِ .

( أ وَ أمِـنَ أهْـلُ القُـرى أنْ يأتيهُم بأسُـنا )[ الأعراف 98 ] :

القَرْيـةُ : سُكَّانُهَا مُتَّفِقُـونَ عَلى أفْكَارٍ وَاحِدَةٍ ، أوْ عَلى مِهْنَةٍ واحِدَةٍ ، وَ نَقُولُ : القَرْيَةُ السِيَاحِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الرِيَاضِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الزِراعِيَّةُ  ، وَ حينَمَا اتَّفَـقَ قوْمُ لُوطٍ عَلى فِعْلِ اللُّواطَـةِ أسماهـا قرية : ( وَ نَجَّـيْـنَاهُ مِـنَ الـقَرْيَـةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ )[ الأنبياء 74 ] ، ( وَ مَـا كَـانَ جَـوابُ قَوْمِـهِ إلاَّ أنْ قَالُـوا أخْـرِجُـوهُـمْ مِـنْ قَرْيَتِـكُـمْ إنَّهُـمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّـرونَ )[ الأعراف 82 ] ، وَ في سُورَةِ الكَهْفِ حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى البُخْلِ : ( حَـتّى إذَا أتَيَا أهْـلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْـعَـمَا أهْـلَـهَـا فَأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُـمَا )[ الكهف 77 ] ، وَ في سُورَةِ يس حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى الكُفْرِ: ( وَ اضْـرِبْ لَـهُـمْ مَـثَلاً أصْـحَـابَ الـقَرْيَةِ إذْ جَـاءَهَـا الـمُـرْسَـلُـونَ إذْ أرْسَـلْـنَا إلَـيْهِـمُ اثْنَيْنِ فَـكَـذَّبُوهُـمَـا )[ يس 13 ] ، لذلك في كل القرآن الكريم كان [ الهـلاك ] للقرى ، و ليس للمدن .


( وَ إنْ وجـدْنا أكـثرهُـم لـفـاسـقين )[ الأعراف 102 ] :

إنَّ الفِسْقَ هُوَ : قَلْبُ الحَقائِقِ إلى بَاطِلٍ ، عَنْ سَـابِقِ مَعْرِفَةٍ وَ تَصْميمٍ ، أيْ هُوَ مُخَـالَفَةُ المنطِقِ وَ الحقّ : ( إنَّ كَـثِـيْراً مِــنَ الـنَـاسِ لَـفَـاسِــقُونَ )[ المائدة 49 ] ، أيْ يَقْلِبُونَ الحَقَّ إلى باطِلٍ وَ كَذِبٍ ، و منهـم : ( وَ مَـا يُضِـلُّ بِهِ إلاَّ الـفَاسِـقِـينَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَ يَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَ يُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـخَـاسِـرونَ )[ البقرة 26 / 27 ] ، ( وَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَ يَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَ يُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ لَـهُـمُ اللَّـعْـنَةُ وَ لَـهُـمْ سُـوءُ الـدَارِ )[ الرعد 25 ] ، وَ الذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ هُمْ فَاسِـقُونَ : ( وَ الـذينَ يَرْمُـونَ الـمُـحْـصَـنَاتِ ثُمَّ لَـمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَـةِ شُـهَـداءَ فَاجْـلِـدُوهُـمْ ثَمَـانِينَ جَـلْـدَةً وَ لاَ تَقْبَلُـوا لَـهُـمْ شَـهَـادَةً أَبَدَاً وَأُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ النور 4 ] ، لأنّهم يقلبون الحقّ إلى باطل ، وَ الذينَ يُمَارِسُونَ اللُّواطَةَ فاسِقُونَ أيضَاً : ( وَ لُـوطَـاً آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَ نَجَّـيْنَاهُ مِـنَ الـقَـرْيَةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَ سُـوءٍ فَاسِـقِـيْنَ ) [ الأنبياء 74 ] ، لأنهم يقلبون الحقائق الجنسية ، وَ الذينَ نَسُوا اللَّهَ فاسقون : ( وَ لاَ تَكُـونُوا كَـاللَّـذينَ نَسُـوا اللَّـهَ فَأَنْسَـاهُـمْ أَنْفُسَـهُـمْ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ الحشر 19 ]، ( إلـى فِرْعَـوْنَ وَ قَوْمِـهِ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ )[ النمل 12 ] ، وَ المُنَافَقُونَ فاسِـقُونَ أيْضَاً : ( الـمُـنَافِـقُـونَ وَ الـمُـنَافِـقَاتُ بَعْـضُـهُـمْ مِـنْ بَعْـضٍ يَأْمُـرونَ بِالـمُـنْـكَـرِ وَ يَنْهَـوْنَ عَـنِ الـمَـعْـروفِ وَ يَقْبِضُـونَ أَيْدِيَهُـمْ نَسُـوا اللّـهَ فَنَسِـيَهُـمْ إنَّ الـمُنَافِقِيْنَ هُـمُ الـفَـاسِـقُونَ )[ التوبة 67 ] ، وَ عَمَلُهُمْ مَرْفُـوضٌ : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَـوْعَـاً أَوْ كَـرْهَـاً لَـنْ يُتَقَبَّلَ مِـنْكُـمْ إنَّكُـمْ كُـنْتُمْ قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ ) [ التوبة 53 ] ، وَ لاَ تَجُوزُ الصَلاَةُ عَلَيْهِمْ : ( وَ لاَ تُصَـلِّ عَـلـى أَحَـدٍ مِـنْهُـمْ مَـاتَ أَبَدَاً وَ لاَ تَقُمْ عَـلـى قَبْرِهِ وَ مَـاتُوا وَهُـمْ فَاسِـقُونَ )[ التوبة 84 ] .


( فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ] :

لاَ بُدَّ في هَذَا السِيَاقِ مِنْ شَرْحِ مَوْضُوعِ [ الحَيَّـةِ وَ الثُعْبـَان وَ الجَـانَّ ] ، فَفي هَذَا المَوْضُوعِ ، أوْرَدَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ مُسَمَّىً واحِدَاً مَعَ أَسْماءَ مُخْتَلِفَة لَـهُ ، وَ هُوَ أَحَدُ أنْواعِ البلاغَةِ القُرْآنِيَةِ الرائِعَةِ ، وَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ التَنَوُّعِ ، لَيْسَ في الجُمَلِ وَ الأَسَالِيْبِ فَحَسْبُ ، بَلْ وَ في المُفْرداتِ أَيْضَاً ، حَيْثُ ذَكَرَ القُرْآنُ [ الحَيَّـةَ ] في بَعْضِ المَواقِفِ ، بَيْنَمَا ذَكَرَ [ الثُعْبـَان ] في مَواقِفَ أُخْرى ، فَعْنْدَما كَانَ مُوسى لِوَحْدِهِ قُرْبَ جَبَلِ الطُورِ : ( وَ مَـا تِلْـكَ بِيَمِـيْنِـكَ يَا مُـوسَـى قَالَ هِـيَ عَـصَـايَ أتَوَكَّـأُ عَـلَـيْهَـا وَ أَهُـشُّ بِهَـا عَـلـى غَـنَمِـي وَ لِـيَ فِيْهَـا مَـآرِبُ أُخْـرى قَالَ أَلْـقِـهَـا يَا مُـوسَـى فَأَلْـقَـاهَـا فَإِذَا هِـيَ حَـيَّةٌ تَسْـعَـى )[ طه 17 / 20 ] ، ( فَلَـمَّا رَآهَـا تَهْـتَزُّ كَـأَنَّهَـا جَـانّ وَلّى مُـدْبِراً وَ لَـمْ يُعَـقِّبْ )[ النمل 10 ][ القصص 31 ] ، ( يَا مُـوسَـى أَقْبِلْ وَ لاَ تَخَـفْ إنَّكَ مِـنَ الآمِـنِيْنَ )[ القصص 31 ] ، فالحَيَّةُ اسْمُ جِنْسٍ ، يَقَعُ عَلى الذَكَرِ وَ الأُنثى وَ الصَغِيْرِ وَ الكَبيْرِ ، أمَّا [ الجَـانّ ] فَهُوَ النَوْعُ الصَغِيْرُ مِنَ الحَيَّاتِ ، وَ قَدْ يَكُونُ فَرْخُ الحَيَّةِ ، وَ نُلاَحِظُ أنَّ عَصَـا مُوسى عليه السلام قَدِ اتَّخَذَتْ أوَّلَ أَشْكَالِهَا عَلى صُورَةِ [ حَيَّـةٍ ] ، بَيْنَمَا اهْتِزَازُهَا كَانَ يُشْـبِهُ اهْتِزَازُ الجَـانّ ، لِمَا لِذِكْرِ الجَـانّ مِنْ أَثَرٍ مُرْعِبٍ في النُفُوسِ ، وَ دَلِيْلٍ نَفْسِيٍّ يَبْعَثُ عَلى الهَـرَبِ .

أمَّا عِنْدَ فِرْعَوْنُ ، وَ أمَامَ حَشْدٍ ضَخْمٍ مِنَ الناسِ وَ السَحَرَةِ ، فَإنَّ حَيَّةً صَغِيْرَةً لَنْ تُخِيْفَ هَذَا الجَمْعِ لِذَلِكَ تَحَوَّلَتِ العَصَا إلى ثُعْبَـانٍ مُبِيْنٍ أَخَافَ الجَمِيْعَ : ( فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ][ الشعراء 32 ] ، وَ كَانَ قَادِراً عَلى ابْتِـلاَعِ كُلِّ أَدَواتِ السِـحْرِ وَ الشَعْوَذَةِ وَ الكَذِبِ ، ( وَ أَلْـقِ مَـا في يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَعُـوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ )[ طه 69 ] ، ( وَ أوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَألْـقَى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ ) [ الشعراء 45 ] ، وَ هَذِهِ بلاغَةُ القُرْآنِ .


( سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَ اسْـتَـرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] :

وَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الخِداعِ البَصَريِّ : ( سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَ اسْـتَرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] ، وَ بِسَبَبِ خَوْفِ مُوسى عليه السلام : ( فَأَوْجَـسَ فـي نَفْسِـهِ خِـيْفَـةً مُـوسَـى )[ طـه 67 ] ، ظَنَّ أَنَّهَا تَسْعى ، فَكَانَ الحَلُّ الإلَهيُّ : ( قُلْـنَا لاَ تَخَـفْ إنَّكَ أَنْتَ الأَعْـلى )[ طـه 68 ] ، الذي كَشَفَ كَذِبَهُمْ : ( وَ أَوْحَـيْنَا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَأَلْـقَـى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الشعراء 45 ] ، لأَنَّ سِحْرَهُمْ خَديعَةٌ فيزيَـائِيَّةٌ : ( وَأَلْـقِ مَـا فـي يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَـعُوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ وَ لاَ يُفْلِـحُ الـسَـاحِـرُ حَـيْثُ أَتى )[ طـه 69 ] ، لاَ يُفْلِـحُ الساحر : النتيجة خاسـرة ، حَـيْثُ أَتى : مَهْما عَمِـلَ .


( عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] :

التَجَسُّـدُ : هُوَ الظُهُورُ عَلى هَيْئَـةِ أجْـسَادٍ ، مِثْلَ ظُهُورِ جِبريل إلى مَرْيَمَ عليها السلام عَلى هَيْئَةٍ بَشَرٍ سَـوِيِّ : ( فَأرْسَـلْـنَا إلَـيْهَـا رُوحَـنا فَـتَمَـثَّـلَ لَـهَـا بَشَـراً سَـوِيَّاً )[ مريم 17 ] ، بينمـا : [ الأجْسَادُ : هيَ شَكْلٌ خَارجيٌّ فَقَطْ ، أمَّا الأجْسَـامُ : مِثْلَنَـا ، فَهيَ كتْلَةٌ كامِلَةٌ مَعَ الأحْشَاءِ الداخليةِ ] : ( وَ إذا رأيْتَهُـمْ تُعْـجِـبُـكَ أجْـسَـامُـهُـمْ )[ المنافقون 4 ] ، وَ عَنْ طَبيعَةِ الأجْسَـادِ قَالَ تعالى : ( وَ مَـا جَـعَـلْـنَاهُـمْ جَـسَـداً لاَ يَأْكُـلُـونَ الـطَـعَـامَ )[ الأنبياء 8 ] ، وَ السَامِريُّ أَخْرَجَ لِـبَني إسْرائيلَ جَسَداً فَقَطْ ، لأنَّهُ مِنَ المُسْتحيلِ عَليْهِ أَنْ يُكوِّنَ جِسْـماً كامِلَ الأحْشَاءِ : ( فَأخْـرَجَ لَـهُـمْ عِـجْـلاً جَـسَـداً )[ طه 88 ] ، ( وَ اتَّخَـذَ قَـوْمُ مُـوسَـى مِـنْ بَعْـدِهِ مِـنْ حُـلِـيِّـهِـمْ عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] .


( غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ الأعراف 150 ] :

فَأصْبَحَ مُوسَى أسِـفَاً [ بِكسْرِ حَرْفِ السينِ ] وَ مَعْناهُ : الغَضَبُ الشَـديدُ : ( فَرَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ طه 86 ] ، ( رَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ الأعراف 150 ] .


[ انفجـرت ، انبجسـتْ ] :

( وَ إذِ اسْـتَسْـقَـى مُـوسَـى لِـقَـوْمِـه فَقُلْـنَا اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْفَجَـرَتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ البقرة 60 ] ، هنا ( اسْـتَسْـقَـى مُوسَـى ) مِنَ اللّهِ ، لذلك : ( فَانْفَجَـرَتْ ) دليلُ كَثْرَةِ المَـاءِ وَ الكَرَمِ الإلَهيّ ، لأنَّ مُوسـى يَطْلُبُ مِنَ اللّـهِ مُباشَـرَةً ، بينمـا الآية الأخـرى : ( وَ أوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى إذِ اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ أَنِ اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْبَجَـسَـتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلـمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ الأعراف 160 ] ، هنـا ( اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ ) أي القَوْمُ يطلبون من موسى ، لذلك : ( فَانْبَجَـسَـتْ ) و الإنبِجـاسُ أقَلُّ مِنَ التَفْجير لأنَّ الطَلَبَ من موسى و ليْس من اللّهِ ، وَ تدْعى حتى الآنَ : [ عُـيُونُ مُوسى ] عَلى خليجِ السويسِ .


( يَنْـزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ )[ الأعراف 200 ] :

النَــزْغُ : وَ هُوَ وَسْـوَسَـةٌ خَطِيرَةٌ تُوصِلُ لِلشَـكِّ في العَقِـيدَةِ : ( وَ إمَّـا يَنْزَغَـنَّـكَ

مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ فَـاسْــتَعِـذْ بِاللّـهِ )[ الأعراف 200 ] ، وَ قَالَ صلى الله عليه و سلم : [ يَأْتي الشَيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ : مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا ، حَتّى يَقُولُ مَنْ خَلَقَ رَبُّكَ ؟ ! ، فَإذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ ][ رواه البخاري ، وَ مُسْلم في الإيمان عن أبي هُريرة رضي الله عنه ] ، وَ النَـزْغُ هُوَ أَيْضَاً إفْسَـادُ العَلاَقَـاتِ ، يَقُولُ يُوسُفَ عليه السلام : ( مِـنْ بَعْـدِ أَنْ نَزَغَ الـشَـيْطَـانُ بَيْني وَ بَيْنَ إخْـوَتي )[ يوسف 100 ] .


( فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَ أنْصِـتُوا )[ الأعراف 204 ] :

فالمَطْلُوبُ هُوَ الاسْتِمَاعُ [ فَهْمُ المَسْمُوعِ ] لِلقُرْآنِ بَعْدَ الإنْصَاتِ [ السُكُوتُ مِنْ أجْلِ السَمَاعِ ] : ( فَإذَا قُـرِىءَ الـقُـرْآنُ فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَ أنْصِـتُوا )[ الأعراف 204 ] .


كل هـذا و اللـه أعـلم .