الأحد، 17 يناير 2016

الـشـخـصـية

الشـخصـية : هي الآلية المتحكّمة في التفاعلات [ الحركيّة و النفسيّة ] ، فهي مجموعة النُظُم [ البرمجيّات ] الخاصّة بكل إنسان ، و هي التي تُميّز و بكلّ دقّة ، بين إنسانٍ و آخر ، قال تعالى : ( انظرْ كيْفَ فضّـلْنـا بعْضَـهُم على بعْضٍ ) الإسراء 21 ، و قـد أسماها القرآن الكريم : [ ذات الصـدور ] فقال تعالى : ( و أسـرّوا قولكم أوِ اجْـهـروا بـه إنّـه عليمٌ - بذات الصدور - ) الملك13 .
_ و الشخصيّة : هي مـركـز [ التربّص ] ، قال تعالى : ( قُلْ كلٌّ مُـتربّص ، فتربّصوا فسـتعلمون مَنْ أصحابُ الصراط السـويّ ) طه 135 ، فالغادرُ [ يتربّص ] لـيَطعَـنَ منَ الخـلْف ، و الـطيّبُ [ يتربّصُ ] لفعْل الخيْر : ( قُلْ كلٌّ يعملُ على شـاكـلته ) الإسراء 84 .
_ و برمجيّات الشخصيّة هي صـراعٌ بين الخيْر و الشـرّ ، مثال : [ بين برمجيّات الحاسوب و الفايروس ] ، و إذا ما اختلطتْ [ برمجيّات ] الشخصيّة بسـبب [ الفايروسات ] الشيطانيّة ، يحدُث انفصامُ الشخصيّة : ( مُذبْذبينَ بين ذلك ، لا إلى هـؤلاء و لا إلى هـؤلاء ) النساء 143 .
_ و الرسول الكريم صلى الله عليه و سلّم ، أشار إلى ذات الصدور ب : [ النيّـة ] ، فقال : [ إنّمـا الأعمـالُ بالنيّات ] ، و تقوم العباداتُ على [ النيّة ] ، فالمسلم [ ينوي ] الصيام ، و [ ينوي ] الصلاة ، و [ ينوي ] الحجّ ..... ، و بدون [ النيّة السليمة ] لا يُقْبَلُ العملُ و لو كان في ظـاهره عملاً حسـناً ، يقول تعالى عن المنافقين : ( قُلْ انفقوا طوعاً أوْ كَـرْهاً ، لنْ يُتقبّل منكُم إنّكُم كُنتُم قوماً فاسقين ) التوبة 53 ، و السبَبُ هو عدَم وجود [ النيّة الصافية ] : ( و لا يُنفقونَ إلاّ و هُمْ - كـارهونَ - ) التوبة 54 .
.
الأنـا الإعجـابيّة : 
هذه [ الأنـا ] فيهـا الهلاك لصـاحبهـا ، و قد ضرَبَ القرآن الكريم الكثير منَ الأمثلة عـن هذه [ الأنـا ] التي أهلكتْ أصـحابهـا ، فالبدايةُ كانتْ عند إبليس الذي قال : ( - أنـا - خيْـرٌ منْـهُ ) الأعراف 12 ، و فرعون هلَكَ حينمـا قال : ( - أنـا -ربّكُمُ الأعلى ) النازعات 24 ، و صاحبُ الجنّتين قال : ( - أنـا - أكْـثَرُ منْكَ مالاً و أعـزّ نَفَـراً ) الكهف 34 ، و الذي حاجّ إبراهيم في ربّه قال : ( - أنـا - اُحْـيي و اُمـيْتُ ) البقرة 258 ، و نُلاحظُ في هذه الأمثلة كيف بدأ هؤلاء قولهُم بكلمة : [ أنـا ] .
و تعمل العبادات الإسلامية على الحـدّ من هذه [ الأنـا ] و كبْحِ جِمـاحِها ، و بذلك تتوازنُ الشخصيّة ، و تعود لتواضعهـا و هدوئهـا و اسـتقرارهـا .
_ و تقول الحكمة :
[ مَـنْ صَامَ .... صَــامَ ] أيْ : هـدأ و اسـتقرّ و لانَ مع الآخـرين .
[ مَـنْ صـلّى .... صَــلى ] أيْ : استقام ، و لم يفعل الفحشاء و المنكر .
[ مـنْ آمَـنَ ..... آمَـنَ ] أي : اطمـأنّ ، و اطمـأنّ الناسُ إليـه . 
_ و تقول الحكمة الأخرى : [ إذا كُنْتَ تُخطّطُ لعشْـرٍ سنواتٍ فازرعْ - شـجراً - ، و إذا كُنتَ تُخطّطُ لمئات السنين فازرعْ - بَـشَـراً - ] .
_ لأنّ تعريفَ :
الفسـاد : هـو [ إصـلاحٌ ، و لكنْ لـمْ تُنفّذْ شُـروطُه ] .
و الشـرّ : هـو [ خـيْرٌ ، و لكنْ لـمْ تُطبّقْ بُنـودُهُ ] . 
_ فالشـريعةُ التي نزَلَت منَ السمـاء كُلّـهـا [ خـيْرٌ و صـلاحٌ ] و ليستْ للفساد : ( و قيْلَ للذينَ آمنوا مـاذا أنزل ربّكُمْ ، قالوا - خيْـراً - ) النحل 30 ، و لكنّ عندمـا لـمْ تُنفّذ شروطُ الإصلاح ، و لـمْ تُطبّق بُنودُ الخـير ، ظـهرَ الشـرّ و الفسادُ ، و ظـهرَ الشـقاء : ( فإمّـا يأتيَنّكُم منّي هُـدىً ، فمنْ اتّبَـعَ هُـدايَ فـلاَ يضلّ و لا يشـقى ) طـه 123 .
.
و عي الشـخصيّة :
يستطيع الإنسانُ منْ بين جميع المخلوقات الأخرى ، يستطيع [ التفكير ] في قُدرته على العمَل ، بينمـا الكائنات الأخرى تعْملُ و حسْـب ، دون [ التفكير ] في قدرتهـا على العمل ، ففي كلّ إنسانٍ يجري [ تيّارٌ منَ الوعي مُسـتمرّ و مُتكاملٌ ] ، و لا يُشاركه فيه إنسانٌ آخَـرُ .
_ فقضيّةُ الأكْلِ منَ الشَجرة التي قامَ بهـا الزوجان [ آدمَ و حوّاء ] : ( فأكلاَ منْهـا ) طه 131 ، ترمُزُ إلى اكتساب الإنسان قُدرة وعي [ الشخصيّة ] ، و هذا الوعي يُعرّضُ الإنسان للانجراف وراء منَافعِه الشخصيّة : ( شـجرةِ الخُـلْد و مُلْكٍ لا يبلى ) طه 120 ، و القيام بأعمالٍ [ يُـشـجّعُها ] الآخرونَ : ( فوسوسَ لهُمـا الشـيطانُ ) الأعراف 22 ، فتبعثُ فيه الشعورُ بالذنْب و وخْـز الضمير : ( فبدتْ لهُمـا سـوْآتُهُـمـا ) طه 121 ، بعْد خُـسرانه النعمة : ( قال اهبطـا منهـا ) طه 123 .
_ و يسعى الإنسانُ عن طريق هداية السماء : ( فـإمّـا يأتيَنّكُم منّي هُـدىً ) طه 123 ، يسعى لتحرير الوعي منَ [ الأنـانيّة ] و الافراط في تقدير الذات : ( و الله لا يُحبّ كلّ مُختالٍ فخور ) الحديد 23 ، فعلينـا أن نتحرّر من [ الأنـانيّة ] و أن تعود الشخصيّة إلى [ فِطـرتهـا ] التي فطـرها عليهـا خالقهـا ، منَ التواضع و السكون و الهدوء و عمل الخير و خدمة الآخرين : ( فاقمْ وجْهك للدين حنيفاً - فطـرة الله - التي فطَـرَ الناس عليهـا ) الروم 30 ، فكلّ الناس قد [ فطَرَهُم ] الله تعالى على فعل الخير ، و لكنّ الشذوذ عن [ الفطرة ] ، قد أوجدَ كلّ هذه الشرور .
.
إنّ العلاقة بين الوعي [ الذي يأتي من خَارج الذات البشريّة ] ، و بينّ الوجود الماديّ [ الوسط المُحيط بنـا و الكوْن ] ، هي العلاقة الأساسية في [ الفلسفة ] .
_ [ فالإنسـانُ كونيّ ، مثلمـا أنّ الكون إنسانيّ ] .
.

الجمعة، 5 يونيو 2015

سورة الكهف مكتوبة


بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21) سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا (38) وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا (39) فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا (41) وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (43) هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (44) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا (52) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58) وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا (59) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82) وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99) وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100) الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)

تفسير سورة الكهف لـ الدكتو علي الكيالي.

تفسير سورة الكهف - الدكتور علي الكيالي

( سَـبْعَـةٌ وَ ثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] :
المُعْتَقَدُ أنَّ عَدَدَ فِتْيَةِ أهْلِ الكَهْفِ سَـبْعَةُ فِتْيَـةٍ : ( سَــيَـقُـولُـونَ ثَـلاثَةٌ رَابِعُـهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ وَ يَقُـولُـونَ خَـمْـسَـةٌ سَـادِسُـهُـمْ كَـلْـبُهُـمْ رَجْـمَـاً بالـغَـيْبِ وَ يَقُـولُـونَ سَـبْعَـةٌ وَ ثَامِـنُهُـمْ كَــلْـبُهُـمْ )[ الكهف 22 ] ، وَ سَمّاها البَعْضُ [ واو الثَمانِيَة ] ، لأنَّ القُرْآنَ يَذْكُرُها أثْناءَ التَعْدادِ بَعْدَ الرقم سَبْعة، وَالذي اعْتَبروه الرقم الكامِلَ : ( الـتَائـِبُونَ الـعَـابِدونَ الـحَـامِـدونَ الـسَائِـحُـونَ الـراكِـعُـونَ الـسَـاجِـدونَ الآمِـرونَ بِالـمَـعْـروفِ وَ الـنَاهُـونَ عَـنِ الـمُـنْكَـرِ ) [ التوبة 112 ] ، ( مُـسْـلِـمَاتٍ مُؤْمِـنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِـباتٍ عَابِداتٍ سَائِحَـاتٍ ثَيِّـباتٍ وَ أبْكَـاراً ) [ التحريم 5 ]

( مَـجْـمَـعَ الـبـحْـرين )[ الكهف 60] :
مِنْ بَعْضِ أُمُـورِ التَثْنِيـَة في اللغَةِ العَرَبيّـةِ ، مَـا يُلْفِتُ النَظَرَ ، حَيْثُ تُوجَدُ مُصْطَلَحَاتٌ لاَ تُحَقِّقُ شَـرْطَ تَطَـابُقِ المَعْنى في الاسـمَينِ ، بَـلْ تَغْليبُ اسْـمٍ عَلى الآخَـرِ ، وَ مِنْهـا :
البَحْـرانِ : النَهْـرُ وَ البَحْـرُ : ( مَـرَجَ الـبَحْـرَيْنِ يَلْـتـَقـِيَانِ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ )[ الرحمن 19] ، ( وَ مَـا يَسْـتَوي الـبَحْـرانِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ .... وَ هَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ )[ فاطر 12 ] ، ( وَ جَـعَـلَ بَيْنَ الـبَحْـرَيْنِ حَـاجِـزَاً )[ النمل61 ] ، ( وَ هُـوَ الـذي مَـرَجَ الـبَحْـرينِ هَـذَا عَـذْبٌ فُراتٌ وَ هَـذَا مِـلْـحٌ أُجَـاجٌ وَ جَـعَـلَ بَيْنَهُـمَـا بَرْزَخٌ وَ حِـجْـراً مَـحْـجُـوراً)[ الفرقان 53 ] .

( تَسْـتَطِـيعَ ، تَسْـطِـعْ )[ الكهف 72 / 82 ] :
تَسْتَطيعُ : بِوُجُودِ تـاءٌ بَعْدَ حَرْفِ السينِ ، تَدُلّ ُعلى الكَثْرَةِ الأمور ، تَسْطِعْ : بِدونِ تـاءٌ بَعْدَ حَرْفِ السينِ ، تدل على القِلَّةِ وَ الاسْتحالَة ، لأنّ زيادة المبنى في الكلمة يدلّ على زيادة المعنى ، فَقَدْ قالَ العَبْدُ الصَالِحُ لمُوسـى عليه السلامُ في بِدَايَةِ لِقَائِهِمَا : ( إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 67 ] ، فَهُوَ لَدَيْهِ أُمُـورٌ كَثيرَةٌ وَ صَعْبَةٌ عَلى مُوسى ، وَ كَذَلِكَ قالَ لَـهُ في المَرَّةِ الثَانِيَةِ : ( أَلَـمْ أَقُلْ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَـعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 72 ] ، أمَّا في المَـرَّةِ الثَالِثَةِ فَقَالَ : ( أَلَـمْ أَقُـلْ لَـكَ إنَّكَ لَـنْ تَسْـتَطِـيعَ مَعِـيَ صَـبْراً )[ الكهف 75 ] ، وَ حينَمَـا لَمْ يَصْبِرْ مُوسى عَلى ثَلاَثِ أُمُورٍ فَقَطْ ، قالَ لَـهُ العَبْدُ الصَالِحُ ، وَ بَعْدَ أنْ شَرَحَ لَهُ مُبَرِّراتُ أعْمالِهِ : ( ذَلِـكَ تَأْويلُ مَـا لَـمْ تَسْـطِـعْ عَـلـيْهِ صَـبْراً )[ الكهف 82 ] ، وَ في سُورَةِ الكَهْفِ أيْضَاً عَنْ سَدِّ ذِي القَرْنَيْنِ : ( فَمَـا اسْـطَـاعُـوا أنْ يَظْـهَـروهُ وَمَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً )[ الكهف 97 ] ، يَظْـهَـروهُ : يَصْعَدوا على ظَهْرِ السَدِّ ، وَ الصُعُودُ أسْهَلُ مِنْ نَقْبِهِ ، بينمـا قال : وَ مَـا اسْـتَطَـاعُـوا لَـهُ نَقْبَاً ، و هو أصعب من الصعود على ظهره لذلك أضاف حرف التاء بعد حرف السين ، وَ عَنْ صَاحِبِ الجَنَّةِ الأَرْضِيَّةِ : ( أوْ يُصْـبِحَ مَـاؤُهَـا غَـوْراً فَـلَـنْ تَسْـتَطِـيعَ لَـهُ طَـلَـبَاً )[ الكهف 41 ] ، تَسْـتَطِـيعَ : بِوُجُودِ تـاءٌ بَعْدَ حَرْفِ السينِ ، وَ تَدُلّ ُعلى الاسْتِـحَالَةِ ، وَ كَذَلِكَ : ( فَإنْ كَـانَ الـذي عَـلَـيْهِ الـحَـقُّ سَـفيهَـاً أوْ ضَـعِـيفَاً أوْ لاَ يَسْـتَطِـيعُ أنْ يُمِـلَّ فَلْـيُمْـلِلْ وَ لِـيُّهُ )[ البقرة 282 ] .

( يَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ )[ الكهف 83 ] :
كَانَ السائلين عن [ ذي القرنين ] يَنْقُصُهُمْ الكَثِيْرُ مِنَ المَعْلُومَاتِ عَنْهُ ، فَأرادُوا مِنْ سُؤالِهِمْ هَذَا اسْتِكْمالَ تِلْكَ المَعْلُومَاتِ ، لَكِنَّ القُرْآنَ الكَرِيْمَ أبى إعْطاءَهُمْ كُلَّ المَعْلُومَاتِ ، بَلْ أعْطاهُمْ جِزْءَاً مِنْهَا : ( مِنْهُ ذِكْراً ) وَ ليْسَ الكُلَّ ، خَاصَّةً أنَّ الرَجُلَ كَانَ عادِلاً وَ لَمْ يُدَلِّلهم كَثِيْراً كَمَا يَدَّعُونَ : ( وَ يَسْـأَلُـونَكَ عَـنْ ذِي الـقَرْنَيْنِ قُلْ سَـأَتْلُـو عَـلَـيْكُـمْ مِـنْهُ ذِكْـراً إنّا مَـكَّـنَّا لَـهُ في الأرْضِ وَ آتَيْناهُ مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ سَـبَباً فَأتْبَعَ سَـبَبَاً )[ الكهف 83 / 85 ] ، فَعْنْدَما وَصَلَ إلى مَديْنَةِ [ بـابِلْ ] ، عَلى مَشَارِفِ مُسْتَنْقَعَاتِ [ الأهْـوارِ ] في العِراقِ عِنْدَ شَـطِّ العَرَبِ : ( حَـتّى إذَا بَلَـغَ مَـغْـرِبَ الـشَـمْـسِ وَجَـدَهَـا تَغْـرُبُ في عَـيْنٍ حَـمِـئَـةٍ وَ وَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً قُلْـنَا يَا ذَا الـقَرْنَيْنِ إمَّـا أنْ تُعَـذِّبَ وَ إمَّـا أنْ تَتَّخِـذَ فِيْهِـمْ حُـسْـنَاً قَالَ أمَّـا مَـنْ ظَـلَـمَ فَإنَّا نُعَـذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلـى رَبِّهِ فَيُعَـذِّبُهُ عَـذَابَاً نُـكْـراً وَ أمَّـا مَـنْ آمَـنَ وَ عَـمِـلَ صَـالِـحَـاً فَلَـهُ جَـزَاءً الـحُـسْـنى )[ الكهف 86 ] ، حَـمِـئَـةٍ : الحَمـأُ هُوَ نَوْعُ الطَمي عَلى ضِفافِ الأنْهارِ وَ مُسْتَنْقَعَاتِهَا ، مِثْلَ مُسْتَنْقَعاتِ [ الأهْوارِ ] عِنْدَ الْتِقاءِ نَهْرَيْ دِجْلَةَ وَ الفُراتِ في العِراقِ ، وَجَـدَ عِـنْدَهَـا قَوْمَـاً : جَاءَتْ بِصِيْغَةِ النَكِرَةِ ، لأنَّهُمُ منَ القَوْمُ السَائِليْن ، عَـذَابَاً نُـكْـراً : يَسْتَغْرِبُهُ أهْلُ جَهَنَّمَ .

( إنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُـفْـسِـدونَ في الأَرْضِ )[ الكهف 94 ] :
إذاً [ يَأْجُوجُ وَ مَأْجُوجُ ] هُمْ [ظاهرة ] لِكُلُّ قَوْمٍ مُفْسِديْنَ في الأرْضِ بِأيِّ زَمانٍ وَ مَكانٍ : ( إنَّ يَأْجُـوجَ وَ مَـأْجُـوجَ مُـفْـسِـدونَ في الأَرْضِ )[ الكهف 94 ] ، وَ المَعْنى اللُغَويُّ هُوَ يَأْجُوجُ : مِنْ تَأَجُّجِ النَارِ ، مَأْجُوجُ : مِنْ مَوْجِ البِحَارِ ، وَ هُمَا للدَلاَلَةِ عَلى الحُروبِ التي يُشْعِلُهَا القَادِمُونَ مِنْ وَراءِ البِحَارِ ، فَيَتْرُكونَ المُدُنَ في دَمَارٍ وَ فَوْضى ، لِذَلِكَ تقول الآيات الكريمة : ( وَ تَرَكْـنَا بَعْـضَـهُـمْ يَوْمَـئِـذٍ يَمُـوجُ فَـي بَعْـضٍ )[ الكهف 99 ] ، وَ فَتْحُ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ هُوَ مِنْ عَلامَاتِ السَاعَةِ الكُبرى : ( حَـتَّـى إذا فُـتِحَـتْ يَأْجُـوجُ وَ مَـأْجُـوجُ  وَ اقْـتَرَبَ الـوَعْـدُ الـحَـقُّ )[ الأنبياء 97 ] .


سورة الكهف مكتوبة

الأحد، 19 أبريل 2015

(سورة الأعراف) تفسير د.علي منصور الكيالي (2)

            ســورة الأعراف (من اية 88 الى اخرها)

( فَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ )[ الأعراف 91 ] :

مَدْيَنْ اسْمٌ مَعْناهُ : مَحْكَمَة ، وَ تَقَعُ مَدْيَنَ في أرْضِ [ مَعَانَ ] شَرْقَ خَليجِ العَقَبَةِ ، وَ سَكَنَها قَوْمُ مَدْيَنَ وَ رَسُولُهُمْ هُوَ شُعَيْبٌ : ( وَ إلـى مَـدْيَنَ شُـعَـيْباً )[ الأعراف 85 ] قـال أخَـاهُمْ : لأنَّ شُـعَيْباً كانَ من قَـوْمِ مَـدْيَن ، وَ لَمّا كَذّبوا شُعَيْباً أُهْلِكُوا بالصَيْحَةِ وَ الرَجْفَةِ مَعَاً ، مِثْلَ قَوْمِ ثَمُودَ : ( وَ إلـى مَـدْيَنَ أَخَـاهُـمْ شُـعَـيْبَاً فَقَالَ يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ وَ لاَ تَعْـثَـوْا فـي الأرْضِ مُـفْـسِـدينَ فَـكَـذَّبُوه ُفَأخَـذَتْهُـمُ الـرَجْـفَةُ فَأصْـبَحُوا فـي دَارِهِـمْ جَـاثِمِـينَ )[ العنكبوت 36 / 37 ] ، هنا قال : فـي دَارِهِـمْ بالمفـرد ، بينمـا في آية أخرى : ( وَ لَـمَّـا جَـاءَ أَمْـرُنَا نَجَّـيْنَا شُـعَـيْباً وَ الـذينَ آمَـنوا  وَ أَخَـذَتِ الـذينَ ظَـلَـمُـوا الـصَـيْحَـةُ فَأَصْـبَحُـوا فـي دِيَارِهِـمْ جَاثِمِـينَ أَلاَ بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ )[ هود 94 / 95 ] ، هنـا قال : فـي دِيَارِهِـمْ بالجمـع ، و قال : بُعْـداً لـمَـدْيَنَ كَـمَـا بَعِـدَتْ ثَمُـودُ : أيْ بِنَفْسِ الطَريقَةِ التي أُهْلِكَتْ بِهَـا ثَمُـودُ ، وَ هيَ الصَـيْحَةُ وَ الرَجْفَة ُ مَعَـاً ، وَ هَذه كانَتْ لِقَوْمِ مَـدْيَنَ فَقَطْ ، وَ لَيْسَ لأصْحَـابِ الأيْكَـةِ .

( أ وَ أمِـنَ أهْـلُ القُـرى أنْ يأتيهُم بأسُـنا )[ الأعراف 98 ] :

القَرْيـةُ : سُكَّانُهَا مُتَّفِقُـونَ عَلى أفْكَارٍ وَاحِدَةٍ ، أوْ عَلى مِهْنَةٍ واحِدَةٍ ، وَ نَقُولُ : القَرْيَةُ السِيَاحِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الرِيَاضِيَّةُ وَ القَرْيَةُ الزِراعِيَّةُ  ، وَ حينَمَا اتَّفَـقَ قوْمُ لُوطٍ عَلى فِعْلِ اللُّواطَـةِ أسماهـا قرية : ( وَ نَجَّـيْـنَاهُ مِـنَ الـقَرْيَـةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ )[ الأنبياء 74 ] ، ( وَ مَـا كَـانَ جَـوابُ قَوْمِـهِ إلاَّ أنْ قَالُـوا أخْـرِجُـوهُـمْ مِـنْ قَرْيَتِـكُـمْ إنَّهُـمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّـرونَ )[ الأعراف 82 ] ، وَ في سُورَةِ الكَهْفِ حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى البُخْلِ : ( حَـتّى إذَا أتَيَا أهْـلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْـعَـمَا أهْـلَـهَـا فَأبَوْا أنْ يُضَيِّفُوهُـمَا )[ الكهف 77 ] ، وَ في سُورَةِ يس حينَمَا اتَّفَقَ السُكَانُ عَلى الكُفْرِ: ( وَ اضْـرِبْ لَـهُـمْ مَـثَلاً أصْـحَـابَ الـقَرْيَةِ إذْ جَـاءَهَـا الـمُـرْسَـلُـونَ إذْ أرْسَـلْـنَا إلَـيْهِـمُ اثْنَيْنِ فَـكَـذَّبُوهُـمَـا )[ يس 13 ] ، لذلك في كل القرآن الكريم كان [ الهـلاك ] للقرى ، و ليس للمدن .


( وَ إنْ وجـدْنا أكـثرهُـم لـفـاسـقين )[ الأعراف 102 ] :

إنَّ الفِسْقَ هُوَ : قَلْبُ الحَقائِقِ إلى بَاطِلٍ ، عَنْ سَـابِقِ مَعْرِفَةٍ وَ تَصْميمٍ ، أيْ هُوَ مُخَـالَفَةُ المنطِقِ وَ الحقّ : ( إنَّ كَـثِـيْراً مِــنَ الـنَـاسِ لَـفَـاسِــقُونَ )[ المائدة 49 ] ، أيْ يَقْلِبُونَ الحَقَّ إلى باطِلٍ وَ كَذِبٍ ، و منهـم : ( وَ مَـا يُضِـلُّ بِهِ إلاَّ الـفَاسِـقِـينَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَ يَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَ يُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـخَـاسِـرونَ )[ البقرة 26 / 27 ] ، ( وَ الـذينَ يَنْقُضُـونَ عَـهْـدَ اللَّـهِ مِـنْ بَعْـدِ مِـيْثَاقِهِ وَ يَقْطَـعُـونَ مَـا أَمَـرَ اللَّـهُ بِهِ أنْ يُوصَـلَ وَ يُفْسِـدونَ فـي الأَرْضِ أُولَـئِـكَ لَـهُـمُ اللَّـعْـنَةُ وَ لَـهُـمْ سُـوءُ الـدَارِ )[ الرعد 25 ] ، وَ الذينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ هُمْ فَاسِـقُونَ : ( وَ الـذينَ يَرْمُـونَ الـمُـحْـصَـنَاتِ ثُمَّ لَـمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَـةِ شُـهَـداءَ فَاجْـلِـدُوهُـمْ ثَمَـانِينَ جَـلْـدَةً وَ لاَ تَقْبَلُـوا لَـهُـمْ شَـهَـادَةً أَبَدَاً وَأُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ النور 4 ] ، لأنّهم يقلبون الحقّ إلى باطل ، وَ الذينَ يُمَارِسُونَ اللُّواطَةَ فاسِقُونَ أيضَاً : ( وَ لُـوطَـاً آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَ نَجَّـيْنَاهُ مِـنَ الـقَـرْيَةِ الـتي كَـانَتْ تَعْـمَـلُ الـخَـبَائِـثَ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَ سُـوءٍ فَاسِـقِـيْنَ ) [ الأنبياء 74 ] ، لأنهم يقلبون الحقائق الجنسية ، وَ الذينَ نَسُوا اللَّهَ فاسقون : ( وَ لاَ تَكُـونُوا كَـاللَّـذينَ نَسُـوا اللَّـهَ فَأَنْسَـاهُـمْ أَنْفُسَـهُـمْ أُولَـئِـكَ هُـمُ الـفَاسِـقُونَ )[ الحشر 19 ]، ( إلـى فِرْعَـوْنَ وَ قَوْمِـهِ إنَّهُـمْ كَـانُوا قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ )[ النمل 12 ] ، وَ المُنَافَقُونَ فاسِـقُونَ أيْضَاً : ( الـمُـنَافِـقُـونَ وَ الـمُـنَافِـقَاتُ بَعْـضُـهُـمْ مِـنْ بَعْـضٍ يَأْمُـرونَ بِالـمُـنْـكَـرِ وَ يَنْهَـوْنَ عَـنِ الـمَـعْـروفِ وَ يَقْبِضُـونَ أَيْدِيَهُـمْ نَسُـوا اللّـهَ فَنَسِـيَهُـمْ إنَّ الـمُنَافِقِيْنَ هُـمُ الـفَـاسِـقُونَ )[ التوبة 67 ] ، وَ عَمَلُهُمْ مَرْفُـوضٌ : ( قُلْ أَنْفِقُوا طَـوْعَـاً أَوْ كَـرْهَـاً لَـنْ يُتَقَبَّلَ مِـنْكُـمْ إنَّكُـمْ كُـنْتُمْ قَوْمَـاً فَاسِـقِيْنَ ) [ التوبة 53 ] ، وَ لاَ تَجُوزُ الصَلاَةُ عَلَيْهِمْ : ( وَ لاَ تُصَـلِّ عَـلـى أَحَـدٍ مِـنْهُـمْ مَـاتَ أَبَدَاً وَ لاَ تَقُمْ عَـلـى قَبْرِهِ وَ مَـاتُوا وَهُـمْ فَاسِـقُونَ )[ التوبة 84 ] .


( فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ] :

لاَ بُدَّ في هَذَا السِيَاقِ مِنْ شَرْحِ مَوْضُوعِ [ الحَيَّـةِ وَ الثُعْبـَان وَ الجَـانَّ ] ، فَفي هَذَا المَوْضُوعِ ، أوْرَدَ القُرْآنُ الكَرِيْمُ مُسَمَّىً واحِدَاً مَعَ أَسْماءَ مُخْتَلِفَة لَـهُ ، وَ هُوَ أَحَدُ أنْواعِ البلاغَةِ القُرْآنِيَةِ الرائِعَةِ ، وَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ التَنَوُّعِ ، لَيْسَ في الجُمَلِ وَ الأَسَالِيْبِ فَحَسْبُ ، بَلْ وَ في المُفْرداتِ أَيْضَاً ، حَيْثُ ذَكَرَ القُرْآنُ [ الحَيَّـةَ ] في بَعْضِ المَواقِفِ ، بَيْنَمَا ذَكَرَ [ الثُعْبـَان ] في مَواقِفَ أُخْرى ، فَعْنْدَما كَانَ مُوسى لِوَحْدِهِ قُرْبَ جَبَلِ الطُورِ : ( وَ مَـا تِلْـكَ بِيَمِـيْنِـكَ يَا مُـوسَـى قَالَ هِـيَ عَـصَـايَ أتَوَكَّـأُ عَـلَـيْهَـا وَ أَهُـشُّ بِهَـا عَـلـى غَـنَمِـي وَ لِـيَ فِيْهَـا مَـآرِبُ أُخْـرى قَالَ أَلْـقِـهَـا يَا مُـوسَـى فَأَلْـقَـاهَـا فَإِذَا هِـيَ حَـيَّةٌ تَسْـعَـى )[ طه 17 / 20 ] ، ( فَلَـمَّا رَآهَـا تَهْـتَزُّ كَـأَنَّهَـا جَـانّ وَلّى مُـدْبِراً وَ لَـمْ يُعَـقِّبْ )[ النمل 10 ][ القصص 31 ] ، ( يَا مُـوسَـى أَقْبِلْ وَ لاَ تَخَـفْ إنَّكَ مِـنَ الآمِـنِيْنَ )[ القصص 31 ] ، فالحَيَّةُ اسْمُ جِنْسٍ ، يَقَعُ عَلى الذَكَرِ وَ الأُنثى وَ الصَغِيْرِ وَ الكَبيْرِ ، أمَّا [ الجَـانّ ] فَهُوَ النَوْعُ الصَغِيْرُ مِنَ الحَيَّاتِ ، وَ قَدْ يَكُونُ فَرْخُ الحَيَّةِ ، وَ نُلاَحِظُ أنَّ عَصَـا مُوسى عليه السلام قَدِ اتَّخَذَتْ أوَّلَ أَشْكَالِهَا عَلى صُورَةِ [ حَيَّـةٍ ] ، بَيْنَمَا اهْتِزَازُهَا كَانَ يُشْـبِهُ اهْتِزَازُ الجَـانّ ، لِمَا لِذِكْرِ الجَـانّ مِنْ أَثَرٍ مُرْعِبٍ في النُفُوسِ ، وَ دَلِيْلٍ نَفْسِيٍّ يَبْعَثُ عَلى الهَـرَبِ .

أمَّا عِنْدَ فِرْعَوْنُ ، وَ أمَامَ حَشْدٍ ضَخْمٍ مِنَ الناسِ وَ السَحَرَةِ ، فَإنَّ حَيَّةً صَغِيْرَةً لَنْ تُخِيْفَ هَذَا الجَمْعِ لِذَلِكَ تَحَوَّلَتِ العَصَا إلى ثُعْبَـانٍ مُبِيْنٍ أَخَافَ الجَمِيْعَ : ( فَأَلْـقَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ ثُعْـبَانٌ مُـبيْنٌ )[ الأعراف 107 ][ الشعراء 32 ] ، وَ كَانَ قَادِراً عَلى ابْتِـلاَعِ كُلِّ أَدَواتِ السِـحْرِ وَ الشَعْوَذَةِ وَ الكَذِبِ ، ( وَ أَلْـقِ مَـا في يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَعُـوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ )[ طه 69 ] ، ( وَ أوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَألْـقَى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإِذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ ) [ الشعراء 45 ] ، وَ هَذِهِ بلاغَةُ القُرْآنِ .


( سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَ اسْـتَـرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] :

وَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الخِداعِ البَصَريِّ : ( سَـحَـروا أَعْـيُنَ الـنَاسِ وَ اسْـتَرْهَـبُوهُـمْ )[ الأعراف 116 ] ، وَ بِسَبَبِ خَوْفِ مُوسى عليه السلام : ( فَأَوْجَـسَ فـي نَفْسِـهِ خِـيْفَـةً مُـوسَـى )[ طـه 67 ] ، ظَنَّ أَنَّهَا تَسْعى ، فَكَانَ الحَلُّ الإلَهيُّ : ( قُلْـنَا لاَ تَخَـفْ إنَّكَ أَنْتَ الأَعْـلى )[ طـه 68 ] ، الذي كَشَفَ كَذِبَهُمْ : ( وَ أَوْحَـيْنَا إلـى مُـوسَـى أَنْ أَلْـقِ عَـصَـاكَ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الأعراف 117 ] ، ( فَأَلْـقَـى مُـوسَـى عَـصَـاهُ فَإذَا هِـيَ تَلْـقَفُ مَـا يَأْفِـكُـونَ )[ الشعراء 45 ] ، لأَنَّ سِحْرَهُمْ خَديعَةٌ فيزيَـائِيَّةٌ : ( وَأَلْـقِ مَـا فـي يَمِـيْنِـكَ تَلْـقَفُ مَـا صَـنَـعُوا إنَّمَـا صَـنَعُـوا كَـيْدُ سَـاحِـرٍ وَ لاَ يُفْلِـحُ الـسَـاحِـرُ حَـيْثُ أَتى )[ طـه 69 ] ، لاَ يُفْلِـحُ الساحر : النتيجة خاسـرة ، حَـيْثُ أَتى : مَهْما عَمِـلَ .


( عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] :

التَجَسُّـدُ : هُوَ الظُهُورُ عَلى هَيْئَـةِ أجْـسَادٍ ، مِثْلَ ظُهُورِ جِبريل إلى مَرْيَمَ عليها السلام عَلى هَيْئَةٍ بَشَرٍ سَـوِيِّ : ( فَأرْسَـلْـنَا إلَـيْهَـا رُوحَـنا فَـتَمَـثَّـلَ لَـهَـا بَشَـراً سَـوِيَّاً )[ مريم 17 ] ، بينمـا : [ الأجْسَادُ : هيَ شَكْلٌ خَارجيٌّ فَقَطْ ، أمَّا الأجْسَـامُ : مِثْلَنَـا ، فَهيَ كتْلَةٌ كامِلَةٌ مَعَ الأحْشَاءِ الداخليةِ ] : ( وَ إذا رأيْتَهُـمْ تُعْـجِـبُـكَ أجْـسَـامُـهُـمْ )[ المنافقون 4 ] ، وَ عَنْ طَبيعَةِ الأجْسَـادِ قَالَ تعالى : ( وَ مَـا جَـعَـلْـنَاهُـمْ جَـسَـداً لاَ يَأْكُـلُـونَ الـطَـعَـامَ )[ الأنبياء 8 ] ، وَ السَامِريُّ أَخْرَجَ لِـبَني إسْرائيلَ جَسَداً فَقَطْ ، لأنَّهُ مِنَ المُسْتحيلِ عَليْهِ أَنْ يُكوِّنَ جِسْـماً كامِلَ الأحْشَاءِ : ( فَأخْـرَجَ لَـهُـمْ عِـجْـلاً جَـسَـداً )[ طه 88 ] ، ( وَ اتَّخَـذَ قَـوْمُ مُـوسَـى مِـنْ بَعْـدِهِ مِـنْ حُـلِـيِّـهِـمْ عِـجْــلاً جَـسَـداً )[ الأعراف 148 ] .


( غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ الأعراف 150 ] :

فَأصْبَحَ مُوسَى أسِـفَاً [ بِكسْرِ حَرْفِ السينِ ] وَ مَعْناهُ : الغَضَبُ الشَـديدُ : ( فَرَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ طه 86 ] ، ( رَجَـعَ مُـوسَـى إلـى قَوْمِـهِ غَـضْـبَانَ أسِـفَاً )[ الأعراف 150 ] .


[ انفجـرت ، انبجسـتْ ] :

( وَ إذِ اسْـتَسْـقَـى مُـوسَـى لِـقَـوْمِـه فَقُلْـنَا اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْفَجَـرَتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ البقرة 60 ] ، هنا ( اسْـتَسْـقَـى مُوسَـى ) مِنَ اللّهِ ، لذلك : ( فَانْفَجَـرَتْ ) دليلُ كَثْرَةِ المَـاءِ وَ الكَرَمِ الإلَهيّ ، لأنَّ مُوسـى يَطْلُبُ مِنَ اللّـهِ مُباشَـرَةً ، بينمـا الآية الأخـرى : ( وَ أوْحَـيْنا إلـى مُـوسَـى إذِ اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ أَنِ اضْـرِبْ بِعَصَـاكَ الـحَـجَـرَ فَانْبَجَـسَـتْ مِـنْهُ اثْنَتا عَـشَـرَةَ عَـيْنَاً قَـدْ عَـلـمَ كُـلُّ أُنَاسٍ مَـشْـرَبَهُـمْ )[ الأعراف 160 ] ، هنـا ( اسْـتَسْـقَاهُ قَوْمُـهُ ) أي القَوْمُ يطلبون من موسى ، لذلك : ( فَانْبَجَـسَـتْ ) و الإنبِجـاسُ أقَلُّ مِنَ التَفْجير لأنَّ الطَلَبَ من موسى و ليْس من اللّهِ ، وَ تدْعى حتى الآنَ : [ عُـيُونُ مُوسى ] عَلى خليجِ السويسِ .


( يَنْـزَغَـنَّـكَ مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ )[ الأعراف 200 ] :

النَــزْغُ : وَ هُوَ وَسْـوَسَـةٌ خَطِيرَةٌ تُوصِلُ لِلشَـكِّ في العَقِـيدَةِ : ( وَ إمَّـا يَنْزَغَـنَّـكَ

مِـنَ الـشَـيْطَـانِ نـَزْغٌ فَـاسْــتَعِـذْ بِاللّـهِ )[ الأعراف 200 ] ، وَ قَالَ صلى الله عليه و سلم : [ يَأْتي الشَيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولَ : مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا ، حَتّى يَقُولُ مَنْ خَلَقَ رَبُّكَ ؟ ! ، فَإذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ باللهِ ][ رواه البخاري ، وَ مُسْلم في الإيمان عن أبي هُريرة رضي الله عنه ] ، وَ النَـزْغُ هُوَ أَيْضَاً إفْسَـادُ العَلاَقَـاتِ ، يَقُولُ يُوسُفَ عليه السلام : ( مِـنْ بَعْـدِ أَنْ نَزَغَ الـشَـيْطَـانُ بَيْني وَ بَيْنَ إخْـوَتي )[ يوسف 100 ] .


( فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَ أنْصِـتُوا )[ الأعراف 204 ] :

فالمَطْلُوبُ هُوَ الاسْتِمَاعُ [ فَهْمُ المَسْمُوعِ ] لِلقُرْآنِ بَعْدَ الإنْصَاتِ [ السُكُوتُ مِنْ أجْلِ السَمَاعِ ] : ( فَإذَا قُـرِىءَ الـقُـرْآنُ فَاسْـتَمِـعُـوا لَـهُ وَ أنْصِـتُوا )[ الأعراف 204 ] .


كل هـذا و اللـه أعـلم .

الأحد، 12 أبريل 2015

هل ادركت كم يحبك الله ؟


أحمد الله اولاً، حمداً كثيراً متوالياً؛ وإن كان يتضاءل دون حق جلاله حمد الحامدين. وأصلي وأسلم على رسله ثانياً، صلاة تستغرق مع سيد البشر سائر المرسلين. وأستخيره تعالى ثالثاً فيما انبعث له..


لنتأمل معاً هذه الآيات قبل ان نوغل بالاجابة ..
" يحبّهم ويحبّونه "
" رضي الله عنهم ورضوا عنه "
" تاب الله عليهم ليتوبوا "
المبادأة دائماً كانت منه سبحانه ما أكرمه وما اعظم وُدّه ..
والنتيجة النهائية تعتمد على مدى استجابتنا لهذه المبادأة ..

يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولة
صحيح بخاري

سأذكر مجموعة من آيات القران الكريم
أريد منك ان تتأملها لتعرف كم يحبك الله

﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ [سورة الطور: 48]

﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [سورة آل عمران: 76]

﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ [سورة آل عمران: 146]

﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [سورة المائدة: 13]

﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [سورة آل عمران: 159]

﴿إن الله يحب المقسطين﴾ [سورة المائدة: 42]

﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [سورة البقرة: 222]

س: هل تُحب الله ؟
ج: طبعا احبه
س: اذا ماذا فعلت له

لحظــة هـدوء من فضـلك !

لحظــة هـدوء من فضـلك ! . . .

الباحث عن لحظة هدوء في هذا الزمان لا يجدها ..
إذا فتح الراديو .. تنهال عليه تشنجات قادة إسرائيل ، و أخبار الزلازل و السيول و الأعاصير ..
و إذا فتح التليفزيون .. تنهمر عليه مسلسلات العنف و الباتمان و حرب النجوم ..
و إذا طالع صحف الصباح .. تفاجئه أخبار انهيار البورصة و جنون البقر و الإيدز ..
و إذا بحث عن موسيقى يريح عليها أعصابه أو أغنية تهدأ لها عواطفه .. نزلت عليه لقطات الفيديو كليب تتقافز صورها و تتشنج رقصاتها و تتسارع إيقاعاتها في إزعاج متواصل ..
و إذا فتح الشباك .. قرقعت في آذانه أبواق السيارات و أصوات الميكروفونات و صراخ الباعة ..
و إذا أغلق الشباك و نزل إلى الطريق .. خنقه الزحام ..
و إذا انطلق هارباً إلى الأتوبيس .. لم يجد موقعاً لقدم ..
و إذا حمل أوراقه و شهاداته و أسرع ليتقدم لوظيفة .. وجد طابور طلاب الوظائف يسد الشارع ..
و إذا بحث عن شقة .. لم يجد ثمنها ..

و لا إحتمال قريباً في عمل .. و لا أمل في زواج .. و لا أمل في حل سريع يأتي من السماء ..
و في آخر المشوار يسقط في يده .. و لا يجد حلاً سوى أن يعود أدراجه إلى البيت إلى فراشه أو إلى ستين سنة إلى الوراء .. إلى ماضٍ بعيد و إلى جيل انتهى ..
إلى الشَدو الهادئ في صوت أم كلثوم ..
و إلى الحنان الرخيم في صوت عبد الوهاب ..
و إلى دندنة هادئة مع العود .. بدون فيديو كليب ..
و إلى الجمال البِكر بدون إفتعال ..و إلى البساطة العذبة بدون صنعة ..

و إذا مس زرار الراديو في ذلك الزمان البعيد ، فإنه سوف ينقله إلى شوبان .. إلى الحلم .. و الخيال الناعم .. و السماوية الرحبة .. و الشوارع أيامها خالية .. و المواصلات مريحة .. و شقق للإيجار تتدلى لافتاتها من النوافذ .. و المرتب يكفي و زيادة ..
و جلسة على شاطئ النيل هي كل المراد .

ماذا حدث للدنيا ؟! .. و لماذا يصرخون المغنون .. و لماذا يتشنج الراقصون ؟! .. و لماذا هذه الإيقاعات المزعجة و الموسيقى النحاسية التي تخرق الآذان ؟!

هذه الأمور تُفصِح عن فقر فَني .. و ذوق فاسد .. و بلادة سمعية .. ما ضرورتها لصوت جميل بالفعل ؟!

و هذا التسويق الفَج .. ما الداعي إليه .. لولا سوء البضاعة و رخص الموهبة ؟ ..

و اضحكوا معي على الغلاء الطاحن .. مع رُخص الناس .. و رخص الفن .. و انعدام القيم .. و تفاهة البضاعة .

إننا معاقبون يا سادة بهذا الضنك ..

و تأملوا كلمات ربكم :
{ وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } ( طه - 124 )

أليس عالَم اليوم قد تلخص كله في هذه الكلمة البليغة .. " الضنك " .. " و الإعراض " ؟!
أليس العالَم قد أعرض تماماً عن كل ما هو رباني و غرق تماماً في كل ما هو علماني و مادي و دنيوي و شهواني و عاجل و زائل .. و الكلام على مستوى العالَم كله !

الكل متعجل يريد أن يغنم شيئاً و أن يلهف شيئاً .. لا أحد ينظر فيما بعد .. و لا فيما وراء ..

الموت لا يخطر ببال أحد .. و ما بعد الموت خرافة .. و الجنة و النار أساطير .. و الحساب حدوتة عجائز .. و الذين يحملون الشعارات الدينية .. البعض منهم موتور و البعض مأجور ..

و المخلِص منهم لا يبرح سجادته و يمشي إلى جوار الحائط .. فهو ليس مع أحد .. و ليس لأحد ..
و إنما هو مشدود و منفصل عن الركب .. و مشفق من العاقبة .. و هو قد أغلق فمه و احتفظ بعذابه في داخله .. و اكتفى بالفُرجة .

و الناس في ضنك .. و كل العالَم أغنيائه و فقرائه .. كلهم فقراء إلى الحقيقة .. فقراء إلى الحكمة .. فقراء إلى النُبل .

و أكثر الأنظار متعلقة بالزائل و العاجل و الهالِك .

و الدنيــا ملهــاة .

و هي سائرة إلى مجزرة ..

فالله في الماضي كان يوقظ خلقه بالرسل و الأنبياء .. و اليوم هو يوقظهم بالكوارث و الزلازل و الأعاصير و السيول ..
فإن لم تُجْدِ معهم تلك النُذُر شيئاً ، ألقَى بهم إلى المجازر و الحروب يأكل بعضهم بعضاً و يُفني بعضهم بعضاً .

و حروب المستقبل حروب فناء .. تأكل الأخضر و اليابس و تدع المدن العامرة خراباً بلقعا .

و نحن على حافة الرعب و الصصراع المُفني .. و ماذا يهم ؟! ماذا يهم ؟!

فالمغنية تغني و تتلوى على المسرح .. في إيقاع أفعواني .. تحت بقعة الضوء .. و الألوف يرقصون كالأشباح في الصالة دون وعي ..

ماذا تقول .. ؟!

لا أحد يصغى إلى ما تقول .. و إنما الكل يصرخ و يصفق و يهتف و يتلوى كأفاعٍ مسحورة .. و الطبول و الدفوف و الإيقاع الهمجي قد حوَّل الكل إلى قِطعان بدائية ترقص في شبه غيبوبة .
و لا تملك و أنت تستمع معهم إلا أن تفقد إتزانك و قدميك ثم تصبح جزءاً من هذا اللاوعي المفتون .. و قد خيَّم على الجو إحساس الكهوف البدائية .

هل انتهت الحضارة فجأة .. و عدنا إلى كهوف الإنسان الأول ؟!
هل تبخر العقل .. و لم تبقَ إلا غرائز تعوى و تتلوى على الطبول و الدفوف ؟! .. يا سادة .. تلك هي نهاية علمانية اليوم .

و تلك هي احتفالية العالَم بنهاية الإيمان .
إحتفالية بالعقل الذي أسلم نفسه للهوى .. و الحِكمة التي نزلت عن عرشها للغرائز .. و الإنسان الذي أسلم قياده للحيوان .

و ماذا يهم .. ؟!

لا شيء يهم .. !!

إننا نرقص اليوم للفجر .. و ليكن غداً ما يكون .

هكذا تعلمنا في سهرات " الدِش " و إبداعات مادونا و جاكسون و فنون الموجة الشبابية الجديدة و برامج الأقمار و الفضائيات القادمة علينا من أمريكا و أوروبا .

و ذلك هو العصر العجيب الذي نعيش فيه ..

أمريكا - القطب العملاق الذي يحكم العالَم - تخصصت في صناعة الغيبوبة لشباب هذا العالَم ..

عن طريق أفلام الحب و العنف و الرعب و أساطير الخيال العلمي ..
و عن طريق الرحلات الفضائية و الصواريخ المنطلقة إلى القمر و المريخ و زحل و المشترى ..
و عن طريق ترسانة كيميائية تُنتِج عقاقير الهلوسة و إكسير الشباب و الفياجرا .

و من أمريكا خرجت أكذوبة الميلاتونين .. و من أمريكا خرج الديسكو و الجاز و نوادي الشواذ .. و من أمريكا انتشرت صنلعة الغيبوبة لتصبح صناعة مقررة في أكثر الحكومات و سلاحاً مشروعاً تحارب به الأزمات و تشغل به الشعوب عن متاعبها .

سلاح إسمه " الهروب اللذيذ " .. على أنغام الموسيقى و الديسكو و على رقصات المادونا .

و لا أحد يكره أن يهرب من مشكلة في ساعة لذّة و إغماء غيبوبة .. بل كل مراهق يحلم بهذا الهروب اللذيذ و يسعى إليه .
و هذه الفكرة الإبليسية هي التي يدير بها الكبار العالَم .

و حرب الخليج كانت هي " النهب اللذيذ " لبترول الخليج و ثرواته .. و لكن الإسم المُعلَن لهذا النهب كان شعارات مبهرة عن تحرير الشعوب و نجدة الضعفاء و نصرة الديمقراطية و إعادة الشرعية .. إلخ .. إلخ .. إلى آخر الأسماء الجذابة الخلابة التي تدير الرؤوس و تُسكِر النفوس .

و الإعلام هو دائماً الأداة الإبليسية لهذا النهب اللذيذ .. و الإستعمار اللذيذ .. و الهروب اللذيذ ..

{ ن وَ الْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } ( القلم - 1 )

و ما أعجب ما يصنع القلم .. و ما أعجب ما يسطر ذلك القلم الذي يُميت و يُحي ، و يُسحِر و يَفتِن ، و يوقِظ و يُنيم ، و يبني و يُخَرِّب ، و يهدي و يُضِل .

و هناك الآن أقلام عظيمة تجيد صناعة هذا " التـيـه " .

و مؤسسات عالمية تصنع للشعوب الدوار .. و تتفنن في تسمية الأشياء بغير أسمائها ، و تسبغ هالات المجد على تفاهات .. و تروج للجريمة و الشذوذ و فنون الغيبوبة .

و أصبح من لزوميات هذا العصر أن يكون في أذن كل مستمع " فلتر " .. و في عين كل مشاهد " فلتر " .. لكشف الزيف في الكلمات و المرائي و المَشاهد .. خاصة في المشاهد العسل .. و الكلمات العسل .. و الوعود العسل .. التي يُقصَد بها النوم في العسل ..

و إذا فتحت الـ C.N.N. أو أي محطة .. إجعل هدفك هو البحث فيما وراء ما تسمع .. البحث فيما وراء المقاصد .. و فيما وراء الأهداف من كل كلمة و كل خبر .. و لا تُحسِن الظن .. فإن سوء الظن الآن هو من حُسن الفِطَن .

و لا تنَم على الشعارات و الأماني و الوعود الطنانة .. فقد لا تصحو و لا ترى تحقيق تلك الوعود أبداً .. و قد تفاجأ بها تنقلب إلى ضدها ..

مثل وعود نتانياهو و اتفاقات أوسلو و مدريد و شعارات حقوق الإنسان التي يطلقها القطب الأمريكي الأوحد ..

و ضع كل الكلام في سلة المهملات و انظر في الأفعال و سوف ترى ..

الأرض في مقابل السلام .. تصبح : الأمن في مقابل السلام .. ثم السلام في مقابل السلام .. ثم السلام في مقابل لا شيء ..
و هذا هو الفيديو كليب السياسي .. و اتفاقات " القص و اللزق " كل يوم على مقاس الوعي العربي .. و الصف العربي .. و اللي مش عاجبه يشجب .

و هذا هو التياترو السياسي العالمي في هذا العصر ، و المسرح الإعلامي الآن يُضاء من جديد ، و الصالة تضج بالتصفيق و الهِتاف و المادونا الفاتنة تتهادى في ضباب الأضواء برقصها الأفعواني ..
و الموسيقى تدير الرؤوس و تُسكِر النفوس ، و الطبول تدق بإيقاعها الهمجي ، و الدفوف ترتعش لتأخذ الكل في دوامة من الدوار اللذيذ .. إنها مونيكا .

و جرعة أخرى من عقار الغيبوبة السحري تتسلل إلى العروق و تلف الكل في غلالة من النسيان .

و بورِكَت ليالي الأنس يا صاح .. فما عاد أحد من الحضور يعرف نفسه ، و لا عاد أحد يدري بمكانه .. أو زمانه .. أو حضوره .. أو ماضيه .. أو مستقبله ..

و لا شك أن التليفزيون جهاز خطير يدخل كل بيت و يفعل بنا أكثر من هذا .

هذه العلبة السحرية .. و هذا الأصبع الذي اسمه الريموت كونترول .. تضغط على زرار فتستدعي فرقة راقصة من الفولي برجير تأتي لترقص لك شخصياً ..
و تضغط على زرار آخر فتستدعي بها ألفيس بريسلي من قبره ليغني لك روائع أنغامه ..

و ضغطة أخرى تستدعي بها كوكتيل من الأكاذيب السياسية في أحلى عبوات من الكلام على لسان أكبر الشخصيات العالمية .. يلبس فيها الباطل ثوب الحق .. و تختلط المفاهيم و تنقلب المعاني في عقلك و يُلقَى بك في متاهات من التزيف الحلو الجذاب الناعم .. و لا تعود تفهم شيئاً ..

و هذا هو الإعلام الإبليسي في عصرنا ..

و حينما تطفئ تلك العلبة الشيطانية .. تكون قد أصبحت رجلاً آخر دون أن تدري ..
و هذا هو عصرنا .. و لا أحد مُحصَّن .. و لا أحد معفي من هذه المطاردة الخفية لتشكيل أفكاره .. و زلزلة نفسه .. و محو قِيَمه و مثالياته .

و الفضاء حولنا يحتشد بهذه الجيوش غير المنظورة التي تهاجمنا صباح مساء و لكل دولة كبرى مصالح .

و لكل دولة كبرى أغراض .

و لكل دولة كبرى مطالب منك و من بلدك .. و أطماع فيك و في بلدك .

و صناعة الغيبوبة و غزو العقل و الإستيلاء على الفكر قبل الأرض .. أصبحت صناعة العصر ..
و التحكم عن بعد في الشعوب .. أصبح لعبة الكبار و الصغار .

هل تجاوزنا السياسة .. أم أننا لا نزال فيها ؟!
بل نحن في قلب " المطبخ السياسي " الذي تُطبخ فيه توجيهات الشعوب و اهتماماتها و تُطبخ فيه مصائرها .

و اقرأ الفصل من جديد لتعرف أكثر .

. .

د. مصطفى محمود رحمه الله . .
من كتاب : تاملات في دنيا الله . .

السبت، 11 أبريل 2015

الوصول الى الصراط

الْوُصُولُ الى الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ او بِمُعَنَّى اخر الْوُصُولَ الى الْمِثَالِيَّةَ
كَيْفَ اِصْلِ الى الْمِثَالِيَّةَ ؟
دَائِمَا يُوجِدَ الصَّحِيحُ و يُوجِدُ الأصح فِي مُجْتَمَعَاتِنَا الْعَرَبِيَّةِ اصبحت الْعَادَاتُ وَالتَّقَالِيدُ اِهْمِ مِنَ الْحَرَامِ وَالْحُلَاَلِ وَاِهْمِ مِنَ الْمَنْطِقِ
 حَسَّنَا !
هَيَا بِنَا نَفْكِرُ.. اريد انا اِصْلِ الى الْمِثَالِيَّةَ.. لَكُنَّ !! لَا يُوجِدَ شَيْءُ مِثَالِيّ فِي الْعَالِمِ ! هَكَذَا يُقَوِّلُونَ ! اذا لَمَّا نُرَدِّدْ دَوَّمَا فِي كُلُّ صَلَاَةِ 
" إهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "!
انصدق الْقَائِلُونَ ؟ ام رُبَّ الْقَائِلُونَ ؟
 مَا هُوَ مُصْدِرُكَ مَنِ الْمَعْلُومَاتِ ؟
سُؤَّالُ غَرِيبٍ !
لِكَيْ لَا اطيل فِي هَذِهِ النُّقْطَة سَأُقَوِّلُ لَكَ الْمُصْدِرُالْأَوَّلَ لِلْمَعْلُومَاتِ فِي الْعَالِمِ هُوَ
الْقِرَانُ الْكَرِيمُ
" إِنَّا نَحْنُ نَزِلْنَا الذُّكْرَوَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "
 مَاذَا تُرِيدُ اُكْثُرْ مِنْ كَلَاَمِ اللَّه ؟ لَنْ اقول لَكَ مَتَىقَرَأَتْ الْقِرَانُ اخر مَرَّةَ بَلْ سَأُقَوِّلُ: هَلْ تَفَكَّرَتْ يَوْمَا بآيَات اللَّه ؟؟ هَلْ فَهِمَّتُهَا فَعلَا ؟ 

كُلُّ مَا سَبَقٌ كَانَ مُقَدِّمَةُ لَمَّا سَأُقَوِّلُهُ 

الَانِ انا إنسان اريد الْوُصُولَ الى الْمِثَالِيَّةَ او عَلَى الأقل شِبْهُ الْمِثَالِيَّةِ وَبَعْدَ ان قَرَأَتْ عَدَدُ كَبِيرُ مِنْ كُتُبِ التَّنْمِيَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَكُتُب الْفَلْسَفَةِ و تَفْسِير الْقِرَانِ وَمَوَاضِيع عِلْمِيَّةٍ, اُسْتُنْتِجَتْ التَّالِي
1. كُلُّ مَا تُرِيدُهُ و تحتاجه لِكُسِبَالدُّنْيَا والاخرة مَعَا هُوَ الْقُرْآنُ
2. تُقُدِّمَ الزَّمَنُ و تُطَوِّرَ التِّكْنُولُوجِيا لَايُؤَثِّرُ عَلَى الْقُرْآنِ
3. اغْلِبْ النَّاسَ لَا تُومِنُ بِاللَّهِ بَلْ تُومِنُ بالايمان نَفْسهُ (بِمُعَنَّى اِنْهَ الايمان عَادَةٌ لَا اُكْثُرْ).

كَيْفَ نُصُل الى الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ, سَوْفَ نَضَعُ خُطَّة لِلْوُصُولِ الى الْمِثَالِيَّةَ.

عِنْدكَ اِقْتِرَاحَاتٍ او تَعْلِيقَاتٌ ؟ اُكْتُبْهَا

الثلاثاء، 7 أبريل 2015

(سورة الأعراف) تفسير د.علي منصور الكيالي (1)

            ســورة الأعراف (من اية 1 الى 87)


( مَـا مَـنَعَـكَ أَلاَّ تَسْـجُـدَ إذْ أَمَـرْتُكَ )[ الأعراف 12 ] :
( وَ إذْ قَالَ رَبُّـكَ لِلـمَـلاَئِـكَـةِ إنِّي خَـالِـقٌ بَشَـراً مِـنْ صَـلْـصَـالٍ مِـنْ حَـمَـأٍ مَـسْـنُونٍ فَإذا سَـوَّيْتُهُ وَ نَفَخْـتُ فِيْهِ مِـنْ رُوحِـي فَـقَـعُـوا لَـهُ سَـاجِـدينَ )[ الحجر 28 ] ، ( فَـسَجَـدَ الـمَـلاَئِـكَـةُ كُـلُّـهُـمْ أَجْـمَـعُـونَ )[ ص 71 ] ، وَ بِسُجُودِ جَميعِ المَلاَئِكَةِ بِلاَ اسْتِثْنَاءٍ ، تَآلَفَتْ وَ تَوافقَتْ طَـاقَةُ المَلاَئِكَـةِ الكِرامِ مَعَ طَاقَةِ وَ رُوحِ الإنْسَانِ التي نَفَخَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ فيـهِ ، بَيْنَمَا بَقِيَتْ طَاقَةُ إبليس الشَيْطَانُ الجَنَّي مُتَنَافِرَةً مَعَ طَـاقَةِ وَ رُوحِ الإنْسَانِ ، عِنْدَمَـا رَفَضَ السُجُودَ لآدَمَ عليه السلام ، حيث سأله الله تعالى : ( قَالَ مَـا مَـنَعَـكَ أَلاَّ تَسْـجُـدَ إذْ أَمَـرْتُكَ)[ الأعراف 12 ] ، أَلاَّ تَسْـجُـدَ : وَ ضَعَ [ ألاَّ ] لِتَوْكِيدِ طَلَبِ السُجُودِ فلأنَّ التَوْكيدَ شَديدٌ اقْتَضى وُجُودَ [ لاَ ] المُؤكِّدَة ، وَ فِعْلاً ذَكَرَ مُخَالَفَةَ إبْليسَ للأمْرِ فَقَالَ : إذْ أَمَـرْتُكَ .
بَيْنَمَـا قَوْلُهُ تعالى : ( قَالَ يَا إبْلِـيسُ مَـا مَـنَعَـكَ أَنْ اسـتَـكْـبَرْتَ أَمْ كُـنْتَ مِـنَ الـعَـالِـينَ ) [ ص 75 ] ، أَنْ تَسْـجُـدَ : هُنَـا المَنْـعُ بِدُونِ وُجُودَ [ لاَ ] المُؤكِّدَة ، وَ كَأنَّ سَـبَبَاً مَـا مَنَعَ إبْليسَ مِنَ السُـجُودِ ، وَ هَذا السَبَبُ هُوَ : اسـتَـكْـبَرْتَ أَمْ كُـنْتَ مِـنَ الـعَـالِـينَ ، فالسَبَبُ مِنْ دَاخِلِ نَفْسِ إبْليسَ وَ لَيْسَ مُؤَثِّراً خَارجيّاً : ( إلاَّ إبْلِـيسَ أبـى )[ البقرة 34 ] ، أبـى : أي امْتَنَعَ ذاتِيَاً دُونَ تأثيرٍ خارجيّ ، أمَّا قَوْلُهُ تَعَالى ( وَ إذْ قُـلْـنَا لـِلْـمَـلاَئِـكَـةِ اسـجُـدُوا لآدَمَ فَـسَـجَـدوا إلاَّ إبْلِـيسَ )[ البقرة 34 ] ، فَلاَ يَعْني أنَّ إبْليسَ كَانَ مِنَ المَلاَئِكَـةِ ، لأنَّ عِبَارَةَ : ( إلاَّ إبْلِـيسَ) هِيَ مُسْتَثْنى عَلى الانْقِطَاعِ ، أيْ أنَّ [ المُسْتَثْنى مِنْـهُ لَيْسَ مِنْ نَوْعِ وَ جِنْسِ المُسْـتَثْنى ] .
.
( خُـذُوا زِيْنَتَـكُـمْ عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ وَ كُـلُـوا وَ اشْـرَبوا )[ الأعراف 31 ] :
إنَّ أفْضَلَ الأوْقاتِ لِتَناوُلِ الطَعَامِ هُوَ أوْقـاتُ الصَلاةِ الخَمْسَـةِ : ( يَا بَني آدَمَ خُـذُوا زِيْنَتَـكُـمْ عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ وَ كُـلُـوا وَ اشْـرَبوا وَ لاَ تُسْـرِفُوا )[ الأعراف 31 ] ، يَا بَني آدَمَ : النِداءُ لِجميْعِ الناسِ وَ ليْسَ للّذيْنَ آمَنـوا فقطْ ، إذَاً المُوْضـُوعُ يَهُمُّ جَميْعَ الناسِ ، وَ الزِيْنَةُ التي هيَ الراحَةُ النَفْسيَّةُ لَها ارْتِبـاطٌ وَثِيْقٌ بالطَعـامِ ، عِـنْدَ كُـلِّ مَـسْـجِـدٍ : أيْ ارْتاحُوا وَ افْرَحُوا وَ تَخَلَّصُوا مِنْ ضُغُوطِ الحَيـاةِ ، خَمْسَ مَرَّاتٍ في اليَوْمِ ، التي هيَ أوْقاتُ الصَلاةِ الإسْلاميّةِ ، وَ كُـلُـوا وَ اشْـرَبوا : أي في أوقات الصلاة حصْـراً ، وَ لاَ تُسْـرِفُوا : أيْ خَمْسَ وَجَبـاتٍ خَفيفَـةٍ في اليَـوْمِ : ( قُلْ مَـنْ حَـرَّمَ زِيْنَةَ اللّـهِ الـتي أَخْـرَجَ لِـعِـبَادِهِ وَ الـطَـيِّباتِ مِـنَ الـرِزْقِ )[ الأعراف 33 ] ، وَ بَعْدَ الطَعامِ الطيِّبِ أيْ الحَلال وَ الغَيْرِ مُلَوّث ، يَجِبُ تَنظِيم الطـاقَة وَ الحالَةِ النَفْسيّةِ السَعيدة ، وَ ذَلِكَ عَنْ طَريْقِ العَمَلِ الصَالِحِ : ( يَا أَيُّهَـا الـرُسُـلُ كُـلُـوا مِـن الـطَيِّباتِ وَاعْـمَـلُـوا صَـالِـحَـاً )[ المؤمنون 51 ] ، ( مَـنْ عَـمِـلَ صَـالِـحَــاً مِـنْ ذَكَـرٍ أوْ أُنْثى وَ هُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَـلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً )[ النحل 97 ] .
.
( الـجَـمَـلُ فـي سَـمِّ الـخـِيَاطِ )[ الأعراف 40 ] :
( إنَّ الـذينَ كَذَّبوا بِآياتِنا وَ اسْـتَكْبروا عَـنْهَـا لاَ تُفَتَّحُ لَـهُـمْ أَبْوابُ الـسَـمـَاءِ وَلاَ يَدْخُـلُـونَ الـجَـنَّةَ حَـتّى يَلِجَ الـجَـمَـلُ في سَـمِّ الـخـِيَاطِ وَ كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـجْـرِمِـيْنَ )[ الأعراف 40 ] ، سَـمِّ : ثقب ، الـخـِيَاطِ : الإبرة .
[ الجَـمَـلُ ] : في هَذِهِ الآيَةِ لَيْسَ الحَيَوانُ المَعْـروفُ ، بَلْ هُوَ : حَبْـلُ السَـفينَةِ الغَليظ ،
لأنَّ الحيوانَ المَعْـروفَ يُسَـمّى البَعيـرُ : ( وَ لِـمَـنْ جَـاءَ بِـهِ حِـمْلُ بَعـيـرٍ )[ يوسف 72 ] ، ( وَ نَزْدَادُ كَيْلَ بَعيرٍ )[ يوسف 65 ] ، فَأصْبَحَ مَعْنى الآيَةِ : حتّى يَدْخُلَ حَبْلُ السَـفينةِ الغليظِ في ثُقْبِ الإبْرَةِ ، وَ جَمْعُ الجَمَلِ : جِمَـالةٌ ( كَأنَّـهُ جِمَـالَةٌ صُـفْرٌ )[ المرسلات 33 ] ، بَيْنَما جَمْعُ البَعيرِ : إبِـلٌ ( أفَـلا يَنْظُـرونَ إلى الإبِـلِ كَيْفَ خُلِقَـتْ )[ الغاشية 17 ] .
.
( أفيضـوا علـينا منَ الـمـاء )[ الأعراف 50 ] :
إنَّ الجِنـَانُ مُشْـرِفَةٌ عَلى النـَارِ ، و التَخاطُبُ بَيْنَ أَصْحَاب الجنّـةِ وَ أَصْحَابِ النـَارِ مُمْكِنٌ وَ حـاصِلٌ فِعْـلاً : ( وَ نَادى أَصْـحَـابُ الـنَارِ أَصْـحَـابَ الـجَـنَّـةِ أَنْ أَفـيضـوا عَـلَـيْـنَا مِـنَ الـمَـاءِ أوْ مِـمَّـا رَزَقَكُــمُ اللَّـهُ قَالُـوا إنَّ اللَّـهَ حَـرَّمَـهُـمَـا عَـلـى الـكَـافِـرينَ)[ الأعراف 50 ] ، ( وَ نَادى أَصْـحَـابُ الـجَـنَّـةِ أَصْـحَـابَ الـنَارِ أَنْ قَـدْ وَجَـدْنَا مَـا وَعَـدَنَا رَبُّنَـا حَـقّـاً فَـهَـلْ وَجَـدْتُمْ مَـا وَعَـدَ رَبُّكُـمْ حَـقّـاً قَـالـوا نَعَـمْ )[ الأعراف 44 ] ، ( قَالَ قَائـِلٌ مِـنْهُـمْ إنّي كَـانَ لـِي قَـرينٌ ..... فَأطَّـلَـعَ فَرآهُ في سَـواءِ الـجَـحـيمِ )[ الصافات 51 ] .
.
( الـبَلَـدُ الـطَـيِّبُ يَخْـرُجُ نَبَاتُهُ )[ الأعراف 58 ] :
إن عَلاَقَةُ النَبَـاتِ وَ الطَاقَةِ التي يَحْتَويهَا ، عَلاَقَةٌ وَثِيقَةٌ جِـدَّاً مَعَ الطَاقَةِ الخَيِّرَةِ لَدى سُكَّانِ البَلَدِ الذي يَنْبُتُ فـيهِ ، وَ مَدى قِيَامِ السُكَّانِ بِتَلْويثِ البِيئَـةِ وَ بالتَالي تَلْويثِ الطَعَامِ خَاصَّةً بالمُرَكَّباتِ الكيميائِيَّةِ : ( وَ الـبَلَـدُ الـطَـيِّبُ يَخْـرُجُ نَبَاتُهُ بِإذْنِ رَبِّهِ وَ الـذي خَـبُثَ لاَ يَخْـرُجُ إلاَّ نَكِـدَاً )[ الأعراف 58 ] ، فَيَجِبُ الانْتِبَاهُ حَتَّى عِنْدَ [ التَداوي بِالأعْشَابِ الطَبيعِيَّةِ ] لِحَالِ سُكَّانِ البَلَدِ وَ مَدى تَلْويثِهِمْ لِلبيئَةِ .
.
( اعْـبُـدوا اللّهَ مَا لَـكُمْ مِـنْ إلَهٍ غَـيْرُه ) :
مِمّا يُقَوّي العَقيدَةَ الصحيحة ، الخَبَرُ الصَادِقُ الذي يَتَجلّى في وِحْدَةِ الرِسالاتِ ، فَجميعُ الرُسُلِ على اخْتلافِ أزْمِنَتِهِمْ وَ ألْسِنَتِهِمْ وَ شُعُوبِهِمْ وَ أماكِنِهمْ ، قالوا عِبارَةً واحِدَةً هي : ( اعْبُدوا اللّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُه ) ، أوضحتهـا سورة الأعراف :
نوحٌ : ( لَـقَـدْ أَرْسَـلْـنَا نُوحَـاً إلـى قَوْمِـهِ فَقَالَ : يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَا لَـكُـمْ مِنْ إلهٍ غَـيْرُهُ )[ الأعراف 59 ] .
هودٌ : ( وَ إلـى عَــادٍ أَخَـاهُـمْ هُــودَاً قَالَ : يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَـا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ ) [ الأعراف 65 ] .
صالحٌ : ( وَ إلـى ثَمُـودَ أَخَـاهُـمْ صَالِـحَاً قَالَ : يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّهَ مَا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ )[ الأعراف 73 ] .
شُعَيْبٌ : ( وَ إلـى مَدْيَنَ أَخَاهُـمْ شُـعَـيْباً قَالَ : يَا قَـوْمِ اعْـبُدُوا اللَّـهَ مَـا لَـكُـمْ مِـنْ إلـهٍ غَـيْرُهُ )[ الأعراف 85 ] .
كل هـذا و اللـه أعـلم .




(سورة الأنعام) تفسير د.علي منصور الكيالي (2)

            ســورة الأنعام (من اية 120 الى اخرها)

( وَإنَّهُ لَـفِسْـق )[ الأنعام 121 ] :

إنَّ ذِكْرَ اسْمَ اللهِ عَلى الطَعامِ أمْرٌ بالِغُ الأهَميَّةِ ، فَذِكْرُ اسْم اللهِ يُعَقِّـمُ الطعامَ مِنَ الجَراثيمِ وَ الفيروساتِ وَ الكريّاتِ البَيْضَاءِ الالْتِهابيّةِ الخَطِرَةِ عَلى الصِحَّةِ الإنْسانيّةِ : ( وَ لاَ تَأْكُـلُـوا مِـمّـا لَـمْ يُـذْكَـرِ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ وَ إنَّهُ لَـفِسْـق )[ الأنعام 121 ] ، الفِسْـقُ هُوَ : الفاسِـدُ في أصْلِهِ ، لأنَّ اسْمَ اللّهِ اسْمٌ مُبَارَكٌ : ( تَبَارَكَ اسْـمُ رَبِّكَ ذِي الـجَـلاَلِ وَ الإكْـرامِ )[ الرحمن 78 ] ، وَ يُضْفي البَرَكَةَ عَلى الطَعامِ فَيَجْعَلَهُ نافِعَاً .
فَبَعْد إجْراءِ عَمليَّاتِ الاسْتِنْباتِ الجُرْثُوميِّ مِنْ قِبَلِ فَريقٍ طبّي وَ صَيْدَلانيّ مُخْتَص لِمُدَّةِ 48 سَاعة ، بَـدا لَوْنُ اللحْمِ المُكَبَّرِ عليْهِ زَهْريّاً فاتِحاً [ مِمّا يَدُلُّ عَلى عَدَمِ نُمُوِّ الجَراثيمِ العُنقوديَّةِ عليْهِ ] ، وَ اللحْمُ غَيْرِ المُكَبَّرِ عليْهِ أصبحَ أحْمَرَ قاتِماً يَميلُ للزُرْقَةِ [ نُمُوٌّ غَزيرٌ للمُكَوَّراتِ العُنْقُوديّةِ وَ الحَالّةِ للدَمِ ] ، وَ الأمْرُ صَريحٌ بالأكْلِ مِمّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليْهِ : ( فـَكُـلُـوا مِـمَّـا ذُكَـرَ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ إنْ كُـنْتُمْ بِآياتِهِ مُـؤمِـنينَ مَـالَـكُـمْ لاَ تَأكُـلُـونَ مِـمَّـا ذُكَـرَ اسْـمُ اللّـهِ عَـلَـيْهِ )[ الأنعام 118 / 119 ] ، وَ عَدَمُ ذِكْرِ اسْم اللهِ عَلى الذَبائِحِ هُوَ افْتِراءٌ عَلى اللهِ : ( وَ أنْعَـامٌ لاَ يَـذْكُـرونَ اسْـمَ اللّـهِ عَـلَـيْهَـا افْـتِراءً عَـلَـيْهِ )[ الأنعام 138 ] ، وَ هيَ غَيْرُ قابِلَةٍ للتَزْكِيَةِ : ( حُـرِّمَـتْ عَـلِـيْكُـمْ الـمَـيْتَةُ وَ الـدَمُ وَ لَـحْـمُ الـخِـنْزيرِ وَ مَـا أُهِـلَّ لِـغَـيْر اللَّـهِ بِهِ وَ الـمَـوْقُوذَةُ وَ الـمُـتَرَدِّيَةُ وَ الـنَطِـيحَـةُ وَ مَـا أكَـلَ الـسَـبْعُ إلاّ مَـا ذَكَّـيْتُمْ وَ مَـا ذُبِحَ عَـلـى الـنُصُـبِ )[ المائدة 3 ] ، ( قُـلْ لاَ أَجِـدُ فـي مَــا أُوحِـيَ إلَـيَّ مُـحَـرَّمَـاً عَـلَـى طَـاعِـمٍ يَـطْـعَـمَـهُ إلاّ أنْ يَـكُـونَ مَـيْتَـةً أوْ دَمَـاً مَـسْـفُوحَـاً أوْ لَـحْـمَ خِـنْـزيرٍ فَـإنَّـهُ رِجْـسٌ أوْ فِـسْـقَـاً أُهِـلَّ لِـغَـيْرِ اللّـهِ بِهِ )[ الأنعام 145 ] ، ( أُحِـلَّـتْ لَـكُـمْ بَهِـيمَـةُ الأنْعَـامِ إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ )[ المائدة 1 ] ، ( وَ أُحِـلَّـتْ لَـكُـمُ الأنْعَـامُ إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ )[ الحج 30 ] ، إلاَّ مَـا يُتْلـى عَـلَـيْـكُـمْ : إلاَّ مَا حُرِّمَ بِنَصٍّ صَريحٍ .

( كَـانَ مَـيْتَاً فَأَحْـيَيْناهُ )[ الأنعام 122 ] :
مَيَّزَ القُرْآنُ الكريْمُ بَيْنَ إنْسَـانٍ [ يَحْـيَ ] وَ بَيْنَ إنْسَـانٍ [ يَعِيْـشُ ] ، فالحَيَـاةُ تَكُونُ دَوْماً [ طَيِّبَةً ] ، بَيْنَمَا المَعيْشَةُ لاَ تَكونُ إلاَّ [ ضَنْكاً ] ، فالعَيْـشُ هُوَ نِظامٌ حَركيٌّ يَصْلُحُ لِلعَيْشِ وَ لَيْسَ لِلحَيَاةِ : ( أَمْـواتٌ غَـيْرُ أحْـيَاءٍ وَ لَـكِـنْ لاَ يَشْـعُـرون)[ النحل 21 ] ، وَ أصْحَابُ جَهَنَّمَ يَعِيْشُونَ دُونَ حَياةِ : ( الـذي يَصْـلَـى الـنَارَ الـكُـبْرى ثُـمَّ لاَ يَمُـوتُ فِيْهَـا وَ لاَ يَحْـيَ ) [ الأعلى 13 ] ، لَكِنَّهُ يَعْيْشُ فيها وَ يَأْكُلُ الزَقُّومَ وَ يَشْرَبُ الحَميْمَ ، وَ قَدْ قالَ السَيِّدُ المَسيْحُ عليه السلام : [ دَعِ المَـوْتى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ ][ إنْجِيْل مَتّى 22 ] .
أمّا الحَيَـاةُ : هيَ أيْضَاً نِظَامٌ حَرَكيٌّ ، لكِنْ مَعَ وُجُودِ [ النُـورِ ] الإلَهيِّ لِتَحْقِيْقِ هَدَفٍ سَـامٍ : ( أ َوَمَـنْ كَـانَ مَـيْتَاً فَأَحْـيَيْناهُ وَ جَـعَـلْـنا لَـهُ نُوراً يَمْـشِـيِ بِهِ في الـنَاسِ )[ الأنعام 122 ] ، وَ تَكُونُ الحـيَاةُ بالعَمَلِ الصَالِحِ : ( مَـنْ عَـمِـلَ صَـالِـحَـاً مِـنْ ذَكَـرٍ أوْ أُنْثَى وَ هُـوَ مُـؤْمِـنٌ فَلَـنُحْـيِيَنَّهُ حَـيَاةً طَـيِّبَةً )[ النحل 97 ] ، وَ اخْتارَ اللّهُ اسْمَ النبي [ يَحْيَ ] : ( إنَّا نُبَشِّـرُكَ بِغُـلامٍ اسْـمُـهُ يَحْـيَ لَـمْ نَجْـعَـلْ لَـهُ مِـنْ قَبْلُ سَـمِـيّاً )[ مريَم 7 ] ، ( وَ إنَّ الـدارَ الآخِـرَةَ لَـهِـيَ الـحَـيَوانُ )[ العنكبوت 64 ] ، الحيوان : صيغة المبالغة من الحياة السامية .
( اسْـتَمْـتَعَ بَعْـضُـنَا بِبَعْـضٍ )[ الأنعام 128 ] :
إنّ جهنم هي لإبْليسَ وَ أتْبَاعَهُ مِنَ الجِنَّ وَالإنْسِ [ فَقَطْ ] ، فُهُمُ المَجْمُوعَةُ الكافِيَةُ لِمَلْءِ جَهَنَّمَ : ( وَ يَوْمَ يَحْـشُـرُهُـمْ جَـمِـيعَـاً يَا مَـعْـشَـرَ الـجِـنِّ قَـدِ اسْـتَـكْـثَرْتُمْ مِـنَ الإنْسِ ... وَ قَالَ أَوْلِـيَاؤُهُـمْ مِـنَ الإنْسِ : رَبَّنَا اسْـتَمْـتَعَ بَعْـضُـنَا بِبَعْـضٍ وَ بَلَـغْـنَا أَجَـلَـنَا الـذي أَجَّـلْـتَ لَـنَا قَالَ الـنَارُ مَـثْواكُـمْ خَــالِــدينَ فِـيْهَـا إلاَّ مَـا شَـاءَ اللَّـهُ )[ الأنعام 128 ] ، فَهيَ إذَاً لإبْليسَ وَ أتْبَاعَهُ مِنَ الجِنِّ وَ الإنْسِ فَقَطْ ، اسْـتَـكْـثَرْتُمْ مِـنَ الإنْسِ : أي بالضَـلالِ ، أَوْلِـيَاؤُهُـمْ : أي أوليـاءُ الشَـياطينِ مِـنَ الإنْسِ ، اسْـتَمْـتَعَ : أي تَجَاوَبْنَـا مع شياطين الجنّ و اتّبعناهم .

( قَـتْـلَ أوْلادِهِـمْ )[ الأنعام 137 ] :
كان الإنْسَانُ القديم يَنْذُرُ ذَبْحَ أَحَـدِ أبْنَائِهِ [ خَاصَّةً البِكْرَ مِنْهُمْ ] كَقُرْبانٍ للآلِهَةِ ، وَ القِصَّةُ الشَهِيْرَةُ عَنْ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، عِنْدَمَا نَذَرَ ذَبْحَ أَحَدِ أبْنائِهِ ، إذَا رَزَقَهُ اللّهُ / 12 / وَلَدَاً ذَكَراً ، وَ التَضْحِيَةُ في الأسَاسِ هيَ التَخَلِّي عَنْ شَيْءٍ ذِي قِيْمَةٍ ، وَ قَدْ بنيت في السابق مَحَارِقَ لِحَرْقِ أوْلادِهِمْ أحْيـاء ، وَ كَانَتِ الطُبُولُ تُدَقُّ بِقُوَّةٍ ، كَيْ يَطْغَى صَوْتُهَا عَلى صُراخِ الأَطْفالِ ، وَ هُمْ يُحْرَقُونَ أحْياء حتّى الموتُ : ( وَ كَـذَلِـكَ زَيَّنَ لِـكَـثِيْرٍ مِـنَ الـمُـشْـرِكِـيْن َ قَتْلَ أوْلادِهِـمْ ... فَذَرْهُـمْ وَ مَـا يَفْتَرونَ )[ الأنعام 137 ] ، ( الـذيْنَ اتَّخَـذُوا مِـنْ دُونِ اللّهِ قُرْبَانَاً آلِهَـةً )[ الأحقاف 28 ] ، وَ عِنْدَ الشُعُوبِ القَدِيْمَةِ [ الفينيقِيَّونَ ] مَثَلاً ، كَانَتْ التَضْحِيَةُ بِالوَلَدِ البِكْرِ ، وَ قَدْ وُجِدَ الكَثِيْرُ مِنْ عِظَامِ الأطْفالِ تَحْتَ أسَاسَاتِ المَنازِلِ وَ المَعَابِدِ ، حَيْثُ كَانَ الأطْفالُ يُقَدَّمُونَ ضَحَايَا عِنْدَ تَأْسِيْسِ البِنَاءِ ، وَ في قِرْطَاجَة أُحْرِقَ / 200 / طِفْل في وَقْتٍ واحِدٍ ، كَقُرْبانٍ للآلِهَةِ ، مِنْ أَجْلِ فَكَّ الحِصَـارِ عَنْهَـا .